-A +A
إدريس الدريس
حدثني خبير بني الأصفر قال: تأتون إلى بلاد الشمس والتي تغيرت كثيراً عما كانت عليه في سالف الأمس، فقد تخلت عن المبارزة والحرب ومضت تبارز الشرق والغرب، فأبدعت في الصناعة والحرف ولم يذهلها النجاح ولم ينغمس أهلها في الإسراف والترف، وأهل اليابان يتسمون بالمباشرة والوضوح، ويتدثرون الولاء ويفتدون قيم العمل ولو بالروح

كان فيهم غلظة وشراسة لكن محنة هيروشيما أعطتهم حسن التخطيط والفراسة، لذلك فقد انكفأوا بعدها على أنفسهم وقرروا تخطي المحنة والنهوض والخلاص وتخلوا عن طموحاتهم الحربية والتوسعية واقتنوا لباس الإخلاص وأعادوا بناء البلاد وبدأوا يقلدون صناعات الآخرين، لكن بجودة ضعيفة، لكنهم لم يستسلموا واستمروا بشكل دؤوب في استكناه سر الإتقان والنجاح واجتهدوا في أعمالهم مع شقشقة بواكير الصباح، وهكذا أخذت الصناعات اليابانية شيئاً فشيئا تدخل إلى سوق المنافسة ثم فيما بعد تجاوزت ذلك إلى المماثلة ثم بعد حين وصلت إلى مرحلة التجاوز حتى أصبحت منتجاتهم مفضلة عالمياً حتى لدى أصحاب الصنعة السابقين في أوروبا وأمريكا، ولاسيما في صناعة السيارات والأجهزة الكهربائية والإلكترونية ثم أنهم تميزوا بالمنتجات الميكرو وهي المتناهية الصغر والتي مازالوا يحملون سر خلطتها.


قلت لخبير بني الأصفر نعم الكلام ما تقول، ولهذا فإن زيارة الملك لليابان تأتي في عداد الرحلة الملكية إلى عدد من دول الشرق الأقصى والتي تستهدف تنويع المصادر وتعزيز المصالح، واليابان هي إحدى أهم الدول التي نستفيد منها في مرحلة التحول، خاصة أنهم مثلنا، فلديهم خطط ورؤية متطلعة حتى عام 2030 بما يعزز من رؤيتنا من خلال تلاقح الرؤيتين.

قاطعني خبير بني الأصفر مؤكداً ثم يقول لذلك قلت إنه سيفتح لكم بابان في اليابان أولهما باب على الحاضر من خلال تعزيز القائم والإضافة عليه، أما الآخر فباب على المستقبل من خلال مسايرة التطور الصناعي الياباني ومجاراتهم في تجويد وإتقان ما يصنعون بما يضمن لكم تنويع مصادر دخلكم. واستطرد يقول إن اليابان وقفت على قدميها بعد قنبلة هيروشيما من خلال انصرافها إلى الداخل وانكفائها قطرياً على الاهتمام بالصناعة حتى أصبح المنتج الياباني لاحقاً علامة فارقة وماركة مسجلة ودلالة على الإبداع الذي لا يحد قلت له نعم وتأكد أننا سنلج من هذين البابين طالما اتحدت العزائم وتكاتفت الجهود، خاصة إذا تم إنبات الإخلاص ووأد الفساد وتنحية الأنانية الشخصية وجعل الوطن وتقدمه في مقدمة الأهداف.

up2020@hotmail.com -