-A +A
علي حسن التواتي
«حساب المواطن» هو حساب تم الإعلان عنه بعد الإعلان عن الميزانية العامة للدولة (2017) بهدف رفع كفاءة الدعم الحكومي المقدم للمواطنين السعوديين، وتوعيتهم بالاستهلاك الرشيد لكل من «البنزين والكهرباء» من منتجات الطاقة ولمساعدة بعض الفئات الدخلية من «الأسر السعودية، والأفراد المستقلين، وحاملي بطاقات التنقل، والأم السعودية المتزوجة من أجنبي» على تحمل تبعات الارتفاعات المتوقعة في فاتورة الطاقة بصفة خاصة، وتبعات (الإصلاحات الاقتصادية) المتوقعة بصفة عامة.

ولقد بلغ عدد المسجلين في حساب المواطن حتى لحظة إعداد هذه المقالة بحسب بيانات منسوبة لوزارة العمل والتنمية الاجتماعية 2.119.825 تسجيلا، فيما بلغ عدد الطلبات المكتملة 1.500.426 طلبا، والطلبات غير المكتملة 619.400


وصنفت فئات المسجلين في الحساب كالتالي: 61% من أرباب العائلات، 34% مستفيدي الضمان الاجتماعي، 4.4% أفراد مستقلون عن عائلاتهم، 0.25% من السيدات المستقلات عن عائلاتهن وأخيراً 0.02% من حملة بطاقات التنقل. أما نسبة السعوديات المسجلات في الحساب «كعائل للأسرة» فقد وصلت إلى 28% من الإجمالي.

وبمراجعة أحدث مسح إحصائي من وزارة الاقتصاد والتخطيط (2016) نجد أن إجمالي المنازل بمختلف أنواعها، «المشغولة» بعائلات سعودية بلغ (3.417.788) منزلا. أما عدد السعوديات المتزوجات من غير سعوديين بحسب بيانات وزارة العدل فقد بلغ في العام 2013 أكثر من 700 ألف امرأة، يمثلن نحو 10% من تعداد السعوديات، والنسبة في ازدياد. وفي حين بلغ عدد الحالات المستفيدة من الضمان الاجتماعي للعام الماضي 2016 (828) ألفاً، إلا أن البيانات الرسمية تغيب بالنسبة لفئة حملة بطاقات التنقل -من غير اللاجئين- التي تضع بعض المصادر تعدادها حول 70 ألفا بالزيادة والنقصان.

وبمقارنة البيانات نجد أن نحو 1.293.093 عائلة سعودية قدمت طلبات بتسجيلها في الحساب من بين العائلات التي يفترض بأن تعدادها (3.417.788) عائلة بافتراض أن «إجمالي عدد العائلات السعودية يساوي عدد المنازل المشغولة بعائلات سعودية»، وبهذا لا يزيد عدد المتقدين من أرباب العائلات في المملكة حتى الآن على 38% ومازالت النسبة الكبرى منهم لم تتقدم بعد للتسجيل في الحساب بعد، ما يعني أن الأرقام مرشحة للتزايد بمرور الأيام. أما بالنسبة لمستفيدي الضمان الاجتماعي فقد بلغ عدد المضافين تلقائيا حتى الآن 720.741 مستفيدا من إجماليهم البالغ 828 ألفا عام 2016 بنسبة 87% ما يعني توقع إضافة النسبة الباقية (13%) في الأيام القادمة أو الإفصاح عن الأعداد الحقيقية لمستفيدي الضمان الاجتماعي وتقديم تفسيرات مقبولة. وبالنظر للمسجلين في المرتبة الثالثة وهم العزاب المستقلون عن عائلاتهم فقد بلغ عدد المتقدمين منهم للحساب 93.272 ألفا ما يعني أن معظم العزاب في البلاد يعيشون في منازل عائلاتهم أو أنهم يحجمون عن التسجيل في الحساب علما بأن عددهم الإجمالي غير معروف. وهذا ينطبق أيضا على السيدات المستقلات عن بيت العائلة حيث بلغ تعداد المتقدمات منهن حتى الان 5300 تقريبا. أما حملة بطاقات التنقل المسجلين فقد بلغ 42.397 أو أقل من النصف من إجمالي غير معلن بشكل رسمي. وتبقى فئة من المسجلين في حساب مواطن تتطلب الوقوف عندها طويلا وتأمل انعكاسات وجودها الذي كان مستترا أو فارج دائرة الضوء قبل التسجيل وهي فئة السيدات السعوديات العائلات لأسرهن واللاتي بلغت نسبتهن حتى الآن 28% وتعدادهن 593.551 في قوائم التسجيل حتى الآن، والتي تتطلب مزيدا من الإفصاح عن مكوناتها فهل هن من الأرامل والمطلقات أو غير المتزوجات أو المتزوجات بأجانب؟ وذلك لأن التعرف على المكونات ونسبها يمكن أن يقودنا للخلوص لنتائج وحلول إيجابية في تصميم برنامج دعم خاص بهذه الفئة الاجتماعية الهامة.

وتبقى تعقيدات تحديد دخل العائلة الواحدة في المسكن الواحد قائمة وبحاجة لمزيد من التفهم فالعزاب العاملون من الجنسين الذين يشاركون عائلاتهم المسكن الواحد لا يجب افتراض مشاركتهم في مصاريف العائلة، وقد تكون لديهم خططهم وتعقيداتهم الخاصة التي تزيد من مسؤوليات رب العائلة. أما الأسر الممتدة التي تعيش في مسكن واحد فهي أيضا حالة خاصة لا بد من تفهمها.

ومع التسجيل وتصاعد أرقام المتقدمين بدأت التعقيدات والتساؤلات التي لا تجد إجابات في الظهور على السطح لتتوالى مع ظهورها تصريحات المسؤولين من جهات حكومية مختلفة بعضها ينفي كشف حسابات المتقدمين من غير أمر قضائي وبعضها يتحدث عن إرجاء النظر في القروض والمديونية لدراسات مستقبلية، وبعضها يحذر من التلاعب ويهدد بعقوبات، وبعضها يعلن بأن الدعم يخضع لتقلبات الأسعار.

وبهذا يمكن تبين أن تعقيدات كثيرة ظهرت وأخرى ستظهر، وأن فاتورة الدعم ستصبح أكبر وأكبر والدعم اللوجستي الهائل للحساب نفسه سيزداد تعقيدا وكلفة، ولذلك أرى أننا غير جاهزين لتفعيل (حساب المواطن) بهذا الأسلوب التقليدي الذي سينتهي به بالتأكيد إلى (حساب ضمان اجتماعي موسع) علما بأن هناك بدائل وحلولا أكثر إبداعا وتنوعا يمكن المفاضلة بينها واختيار أقلها كلفة وأكثرها فاعلية.