-A +A
عبدالله بن محمد آل الشيخ
يرى خبراء علم النفس وعلم الاجتماع أن المهمة الأصعب هي تعديل سلوك الفرد، أو ترسيخ ثقافة جديدة لدى المجتمع كبديل لقناعات تراكمت عبر السنين، من ثم فإن تصدى مؤسسة ما، حكومية كانت أو أهلية أو خيرية لذلك الهدف الإستراتيجي هو بمثابة اختبار تحدٍّ لقدراتها ولمصداقيتها ولدورها. ولذلك ندين جميعا بالكثير من العرفان والتقدير لجمعية الأطفال المعوقين، فهذه المؤسسة الخيرية الرائدة تأبى إلا أن تتصدى لقضايا محورية، إدراكا من المسؤولين فيها -وفي مقدمتهم الأمير سلطان بن سلمان رئيس مجلس الإدارة،- أن موقعها ورصيد خبراتها ومنجزاتها يؤهلها لأداء دور وطني يجنى ثماره المجتمع بأسره، مدعومة في ذلك بثقة ومباركة قيادتنا الحكيمة. ومن بين تلك التحديات التي تستحق التوقف تبرز المبادرة الوطنية للسياقة الآمنة «الله يعطيك خيرها» التي تبنتها الجمعية، وحظيت بمباركة خادم الحرمين الشريفين، والتي نجحت في إحداث حراك اجتماعي ملموس، وفي استقطاب اهتمام وتفاعل ودعم قطاعات المجتمع كافة، وفي اعتقادي أن وصول الرسالة التوعوية للمبادرة توجّ بالنجاح في استقطاب تفاعل واهتمام صائغي التشريعات لإصدار العديد من الإجراءات والقوانين التي تغلظ عقوبة المخالفات المرورية، الأمر الذي كان وراء الوصول لنتائج مثالية أيدتها لغة الأرقام بتراجع الحوادث المرورية بشكل ملموس، وبالتالي انخفاض معدلات الإعاقة والإصابات والوفيات.

وخلال العامين الماضيين رسخت المبادرة نفسها في الذهنية المجتمعية بما نظمته من فعاليات في عدد من المناطق والملاعب الرياضية والمؤسسات التعليمية مثل تنفيذ برنامج تلفزيوني للتوعية توجّ بالحصول على الجائزة الذهبية للبرامج التوعوية الخليجية لعام 2016م، وبناء شراكة إستراتيجية مع الإدارة العامة للمرور وتسليط الضوء على العلاقة بين حوادث المركبات والإصابة بالإعاقات الدائمة، وأصبحت علامة راسخة كأول مبادرة توعوية يكون لديها قناة متخصصة مع شركات الاتصالات للوصول إلى المشتركين بصورة مستمرة، كما تمكنت من استقطاب أكبر تجمع تطوعي، ومنظومة متكاملة لفرق تطوعية تغطي سائر المناطق، وكذلك إدراج التوعية بالسياقة الآمنة والسلامة المرورية كأحد أهم برامج المسؤولية الاجتماعية وخدمة المجتمع في القطاعات الحكومية والخاصة والأهلية.


واطلعت أخيرا على تصور أقرته اللجنة النشطة المشرفة على المبادرة وحظي بموافقة الأمير الموفق سلطان بن سلمان يشير إلى أن المرحلة الحالية تستهدف تعزيز علامة المبادرة لتصبح علامة جودة للسلامة المرورية أو التأمين لتكون رافدا داعما لأهداف ورسالة الجمعية، إلى جانب بناء شراكة ودور رئيسي للمرأة في المبادرة للتوعية والتثقيف وتعديل السلوك من خلال برنامج أسرتي لبناء جسور تواصل مع طلاب المدارس والجامعات، وهي أهداف تعكس رحابة الذهنية التي تدير مسارات الجمعية، وحجم مسؤولياتها الوطنية.

وأخيرا بما أن هذه المبادرة تشرفّت بأطلاقها ومساندتها من قبل خادم الحرمين وفقه الله كم أتمنى أن تتوحّد وتتظافر الجهود مع جهات أطْلقت نشاطا مشابها وبمسميّات مختلفة، وأن تجتمع تحت مظلّة الجمعية خصوصا أنها وبتوفيق الله حققّت نجاحا في هذا المجال بحكم خبرتها الطويلة وانتشار مراكزها في أنحاء الوطن وهذا الأمل بإذن الله.

abdullahalsheikh2011@yahoo.com