-A +A
عيسى الحليان
أي مواطن يتجول في شوارع مدينته لابد أن يخرج بواحدة من اثنتين، إما أن الموارد غير كافية للصرف على احتياجات ومتطلبات المدينة، أو أن نمط الإدارة المتبع غير ملائم لإدارة المدينة، أو كلاهما معاً!

في مجال الموارد ليس أمامنا سوى واحدة من اثنتين، إما رفع المخصصات للبلديات من قبل المالية وهو أمر مستبعد، بل غير وارد حالياً، أو زيادة الموارد الذاتية عن طريق رفع الرسوم المفروضة على المواطن أو القطاع التجاري وهو أمر أكثر صعوبة أيضاً في ضوء ضعف موارد الطبقة الوسطى وما دونها، وهشاشة معظم مؤسسات القطاع التجاري التي تمثل 90% من إجمالي القطاع الخاص.


كان ثمة فكرة مطروحة لإطلاق شركات مملوكة للبلديات في المناطق يسند لها تنمية الجانب التجاري وملكية الأراضي التجارية وتوليد الفرص وزيادة موارد البلديات، وأقيمت فعلا في بعض المدن، لكن رغم ذاك لا أرى حماساً لها من قبل الوزارة وبعض الجهات الحكومية لأسباب خفية وغير معلومة.

إذن ليس أمامنا سوى التعامل مع الشق الثاني وهو الإدارة ثم الإدارة وطريقة تطويرها وتحسين سلالاتها لتحسين الخدمات المتولدة منها، فالصعود في الشق المؤسسي والتنظيمي يسير بطريقة متعاكسة مع وفرة الاعتمادات المالية، هذا ما تعلمناه في أدبيات التنمية، وهذه فرصة مواتية إذن لإعادة مأسسة هذه البلديات وعدم استمرار ربطها بالوزارة بهذا الحبل السري، ربما كان هذا ممكناً قبل زيادة عدد هذه البلديات وتوسع النطاق الإشرافي وتزايد التحديات في إدارة المدن وتعقد تقديم الخدمات، لكن الوضع الآن قد تغيّر تماماً، ولا مناص من صناعة «المؤسسة» مناطقياً، فالمراسلات مع الوزارة وأخذ إذنها في الصغيرة والكبيرة وبهذه الصورة التقليدية القديمة، تستنزف جهود الطرفين وتحول دون بناء هويات حقيقية لهذه المدن والبلديات، وبدلا من ذلك يفترض أن تتفرغ الوزارة للتخطيط والمتابعة والرقابة بدلاً من المشاركة في عمليات الإدارة والتنفيذ والتشغيل، وأن تسعى الوزارة بدلاً من ذلك لإطلاق مؤشرات عامة لقياس أداء البلديات ومدى قدرتها على تحسين الخدمة وخلق التنافسية المعيارية بين المدن وأن لا يكون هذا المنتج «البلدي» صورة بالكربون لكل المدن، وبدلا من ذلك تمكين هذه البلديات من صناعة «النموذج» وفقاً للملامح الاجتماعية والثقافية والتاريخية لكل منطقة.