أحمد الحناكي
أحمد الحناكي
-A +A
علي مكّي (جدة)
أكد أحمد الحناكي الكاتب المعروف، أن تصنيف المثقف والسياسي في بلادنا أصبح متشابكا، منتقدا ادعاءات كثيرة من بعض المثقفين والكتاب تجاه السياسة كشأن عام دون أن يتوافروا على المعرفة والدراية، لافتا إلى حاجتنا الماسة إلى الفرز والتخصص. وتناول الحناكي في حديثه مع «عكاظ» عددا من القضايا التي تخص مجلس الشورى والطائفية والمرأة السعودية وهيئتي الترفيه والثقافة والأزمة الاقتصادية، وقال عن ضعف مشاركته في «تويتر» بأنه يفضل أن ينقل آراءه عبر مقاله، ومؤكدا أنه يقرأ أكثر مما يكتب، وكانت حصيلة اللقاء كالتالي:

• في مقالك «المثقف السياسي والسلطة» ذكرت أن الشعب السعودي «أوعى بكثير من شطحات بعض من محلليه».. من هم هؤلاء المحللون؟ هل تقصد المثقفين؟ وما هي شطحاتهم؟ وكيف ترى علاقة السياسي والمثقف في المملكة؟


•• ما عنيته هو أولئك المندفعين إلى التعامل مع علاقاتنا الخارجية كما لو كنا دولة عظمى وأنه بيدنا أن نغير مصير الشعوب الأخرى، ليس هذا فحسب بل الإصرار على أننا لا نحيد عن الحق بأي خلاف مع الآخرين.

الحرب لها ويلاتها ونتائجها المدمرة وهؤلاء وهم الكتّاب أو بعضهم إحقاقا للحق يريدونها وكأنما الآخر سيرقبك مستسلما قابعا في منزله. ولا يحتاج تحديدهم بالاسم فقد أصبحوا معروفين للمتابع.

علمنا التاريخ أن الدول حتى وهي في أوج هونها وتخاذلها الداخلي تتحد عند الخطر الخارجي وتتحول إلى أسد جريح لن يكتفي بالدفاع عن حدود بلاده إزاء ما يراه عدوانا خارجيا حتى لو كان محكوما بدكتاتورية غاشمة.

تصنيف المثقف والسياسي في بلادنا أصبح متشابكا وبحكم أن السياسة شأن عام فالكل يدعي وصلا بمعرفتها والتنظير بشأنها ومن هنا هلَّ علينا كثيرون منهم نراهم في الصحافة تارة أو في وسائل الإعلام تارة أخرى، بل وحتى تتواصل معهم القنوات والوكالات الأجنبية لإبداء الآراء، والسبب ببساطة لأننا لم نصل بعد للفرز والتخصص فبالرغم أن هناك شأنا عاما كالسياسة كما أسلفنا والإعلام والدين، إلا أن هناك قطعا من هو ضليع ومتخصص ويقرأ ما هو خلف السطور.

• انتقدت الكتّاب الذين ينتقدون مجلس الشورى وخصصت مقالا كاملا للرد على واحد منهم ولعلك تقصد صالح الشيحي، مؤكدا أن مكافآت بعض الكتّاب أكثر من مكافآت أعضاء مجلس الشورى؟ هل أنت مؤمن حقا في عقليتك ووعيك بدور مهم لمجلس الشورى أعني دورا حقيقيا فاعلا؟ أم أن المسألة تصفية حسابات مع بعض الكتّاب خاصة في تلميحك أن السبب في ذلك يعود إلى دخول النساء عضوات في المجلس؟ هل كنت تلمح لقصة الماريوت هنا؟

•• نعم أقصد الكاتب صالح الشيحي. لا أخفيك كتبت اسمه بالمقال المرسل للجريدة ولكن لكل جريدة سياستها في قضايا النقد ونشر الأسماء وبالتالي لم أكن ألمح بل أصرح. المكافآت التي تم الخصم منها أخيرا لم تكن في الأساس بتلك الضخمة، بل إن كثيرا من منسوبي القطاع الخاص يتناولون أضعافها وكذلك بعض الكتاب ربما كان صالح واحدا منهم.

كمواطن سعودي لست راضيا عن أداء مجلس الشورى ولكن هذا التهميش والمبالغة في الهجوم عليه لمصلحة من يا ترى؟ هو مكتسب شئنا أم أبينا فلنتمسك به، لكن لا يعني هذا بالمقابل عدم النقد بل لننتقده كما ننتقد أي منشأة أخرى ونطالب بمعالجة الخلل حسب رؤيتنا له ونحرص على أن يكون ذراعا للوطن ومنحه صلاحيات كما في البرلمانات الأخرى، ناهيك عن إجراء انتخابات بالكامل لأعضائه. وطبعا دور البرلمان في دول كثيرة أهم دور في الدولة فمنه تنشأ المشاريع التي تخدم الوطن والقرارات المهمة ومنها يتم محاسبة الحزب الحاكم فهي ضمير الأمة.

• لا تكتب شيئاً في «تويتر» إلا نادرا، وكل مشاركاتك فيه هو الإشارة إلى رابط مقالك الأسبوعي.. هل السبب هو ضيق المساحة؟ أم عدم جدوى مواقع التواصل الاجتماعي؟ أم هو الخوف من جمهور «تويتر»؟

•• أحاول قدر الإمكان المشاركة في «تويتر» ولكن لا يخدمني الوقت أحيانا، فهناك العائلة، وهناك العمل، وهناك الأصدقاء، فضلا عن القراءة والقنوات الفضائية وربما كانت قراءتي في «تويتر» أكثر بكثير من مشاركتي. ضيق المساحة له دور أحيانا، وأفضل أن أنقل آرائي إلى مقالي الأسبوعي. بالعكس وسائل التواصل الاجتماعي مجال مبهر وحيوي لنشر المقال أو الفكرة والتقليل من أهميتها جهل بقيمتها.

إطلاقا لا أخشى من جمهور «تويتر» لسبب بسيط جدا هو أنني تعلمت منذ صغري بألا أفتي بما أجهله، على سبيل المثال لا أناقش في الاقتصاد أو التقنية أو كثير من التخصصات العلمية، إلا إن كان استفسارا أو معلومة وبالتالي لا أحرج نفسي بتفسير رأي أو مقال وأنا غير ملم به. جمهور «تويتر» متشعب فبعضهم إيجابي دائما أو تصبح هناك علاقة خاصة بينه وبين الكاتب ويحرص على الدفاع عنه حتى لو كان لا يتوافق مع آرائه ومنهم من يملك نفسا للنقاش الهادئ المحترم وهؤلاء لا مشكلة لدي معهم.

هناك المتصيدون والمؤدلجون وهؤلاء ذوو شجون؛ فالأول لا يقبل بأي رأي مني ككاتب؛ لأن المسألة شخصية سواء كان رأيي يتفق معه أو لا يتفق هو يضعني في دائرة التصنيف ولا يناقش، بل يصدر حكما بأن المقال تافه أو سطحي أو سخيف وهذا لا أرد عليه إلا إن ناقشني مباشرة وطبعا بأدب. أما المؤدلجون فما يتوافق مع آرائهم ينتشون له والعكس صحيح بعيدا عني ككاتب.

• تتساءل أخيرا: «إلى متى النظرة الدونية للنساء في المجتمعات الخليجية؟» بنيت هذا التساؤل على مجرد تعليق من نائب كويتي.. هل تتوقع أن النظرة ما تزال على دونيتها في المجتمعات الخليجية كلها؟ لماذا لا تكون شفافا وتقول إن النسبة الأكبر للنظرة الدونية للنساء هي في السعودية؟ في رأيك ما هي الآليات التي يمكن أن يتم بها إصلاح وضع المرأة في الخليج والسعودية تحديدا؟

•• سؤالك مليء بالأفخاخ، إلا أنك أصبت كبد الحقيقة فالقائل نائب كويتي، لكن المقصود هم السعوديون فاللجوء لإدخال الخليجيين فيه جزء من الصحة إلا أن السبب الأهم هو الهروب من الرقابة؛ ففي مجالسنا في السعودية نتحدث بشيء وفي العمل بشيء آخر وفي الاستراحات شيء وفي السفر شيء آخر وكل ذلك يختلف عندما تدلف إلى منزلك.

كل ما ذكرته لن تعرفه النساء السعوديات إلا لماما فهن هاجس كبير وطاغ في كل الأماكن والأزمنة لكن دون الحضور المادي. نعم النظرة للمرأة في السعودية لا تزال يشوبها الحذر والحساسية والمنع، بل والتخلف مع وجود ممانعات دون شك سواء من التغيير الذي يحدث قسرا على كل سجن اجتماعي بواسطة الثورة الإعلامية أو بكفاح متنورين من الرجال أو تلك الخطوات التي تفعلها السيدات السعوديات سابقة بها الرجل لتنال حقوقها.

كيف تنال حقوقها؟ لا تسألني عن الخليجيين فهم يسبقوننا كثيرا وإن كان صرح رجل من هنا أو هناك فهو يظل غير ذي شأن، قياسا بوضعها في الدول من ناحية الانتخابات أو المشاركة العامة كالرجل. السعودية شأن آخر فهي تنتظر قوانين تنصفها أما المجتمع فهي كفيلة به. الكرة ليست في مرمى المجتمع ولو كانت كل أمورنا منوطة بالمجتمع لربما لا تزال المرأة لا تقرأ ولا تكتب.

• شهور مضت على إنشاء هيئة عامة للثقافة وهيئة أخرى للترفيه.. في اعتقادك ما الذي ينتظره المجتمع من هيئة الترفيه؟ وما هي المعايير المقبولة لشكل هذا الترفيه أمام مجتمع يبدو أحاديا في معظمه؟ وهل هيئة الثقافة قادرة على إحداث التنوير في البلد؟ وكيف يمكن لها ذلك؟

•• أظن أن المسميات ليست مهمة فما نعاني منه هو الصلاحية فلدينا الكفاءات والمبدعون والمواهب وها هم بنات وأبناء السعودية يشاركون في مهرجانات ثقافية وترفيهية وينافسون على الجوائز. وفي المنطقة الشرقية استطاع الشاعر أحمد الملا بميزانية متواضعة أن يقيم مهرجانا حافلا وناجحا للمرة الثالثة.

يعني كل المقومات لنجاح الهيئتين موجود، لكن لا نجاح دون دعم رسمي ومادي.

أقلت المجتمع؟ من هو المجتمع؟ وكيف نتبين رأيه؟ وماذا تسمي الإقبال الشديد على دور السينما في البحرين والإمارات من قبل السعوديين؟ من الذي يملأ دور معرض الكتاب في معظم أنحاء العالم العربي أليسوا سعوديين؟

كل الفعاليات الثقافية والفنية والأدبية التي يقيمها أشقاؤنا الخليجيون يكون الحضور السعودي بها طاغيا. بصراحة مللنا من حكاية المجتمع هذه ولعل إجابة الوزير عادل الجبير القشة التي قصمت ظهر البعير عندما قال للمبتعثة نجاح العتيبي إن قيادة المرأة للسيارة تنتظر تقبل المجتمع.

سأسرق إجابة صديقي الأديب الجميل فهد آل جريب عندما قال بمعرض حديثنا عن السينما أعتقد أن المسرح والأمسيات الفنية الغنائية وإعطاء العازفين والفنانين التشكيليين الفرصة للتواجد في الميادين والساحات المفتوحة أهم من دور السينما فالسينما موجودة في المنزل والسيارة والاستراحة. أتفق مع فهد وإن كنت أطمع بكل هذا ومع السينما فما الذي يمنع؟