-A +A
إدريس الدريس
هناك عوائل ملكية تحكم بلادها تبعاً للتوافق الشعبي في تلك البلاد، حيث ارتضوا هذه الأسرة لتكون أسرة ملكية أو سلطانية أو أميرية أو إمبراطورية ليتعاقب الحكام من أبنائها كما هو الحال على ذلك في الخليج والمملكة والمغرب وبريطانيا وبعض دول شمال أوربا وغيرها، لكن هذا التوافق أيضاً يحدث في بعض الدول الجمهورية والتي يرتضي الناس فيها رئيساً لها بين عدد من المترشحين لكن المزاج الشعبي ينحاز أحياناً إلى بعض هؤلاء الرؤساء ويمتد الولاء لهم على النحو الذي يتكرر معه اختيار أحد أفراد هذه الأسرة في مناصب متقدمة في منظومة الحكم بشكل يجعلني أميل إلى أن كثيرا من البشر يحبذون الانضواء تحت نظام حكم عائلي وهو ما يعني أن المزاج البشري كان وما زال عشائرياً ومنحازاً بالعاطفة إما لأشخاص من عائلة واحدة أو الانضواء تحت حزب محدد كالحزب الجمهوري والديموقراطي والمحافظين والعمال إلخ.. والذي هو شكل من أشكال القبلية أو العشائرية أو الملكية.

يجرني إلى مثل هذا الكلام الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة، فلو فازت هيلاري كلينتون بالرئاسة -وهي كانت قاب قوسين أو أدنى- لأمكننا أن نقول إن الشعب الأمريكي يعمد بين كل فترة وأخرى إلى الاختيار المتكرر من أسرة واحدة؛ لأن هذه الأسرة استطاعات اجتذاب حب الناس وولائهم إلى الحد الذي أستطيع القول معه إن الأمريكي كان يود أن يسمح له أن يكرر الاختيار لأكثر من دورتين لبعض الرؤساء لكن النظام لا يتيح له ذلك ولهذا فهو -لا شعورياً- يتحايل على هذا المنع بإعادة اختيار شخص آخر من نفس الأسرة وكلنا نعلم على سبيل المثال حجم الشعبية الطاغية لعائلة آل كنيدي، فقد اجتذبوا الولاء من فترة الرئيس جون كنيدي الذي اغتيل فتوالى التعاطف مع زوجته جاكلين وإخوته روبرت وإدوارد وكارولين وكل أفراد الأسرة حتى وصل الحد إلى أن «روبرت» تدرج في الصعود حتى ترشح للرئاسة لكنه اغتيل أيضاً، لكن الناس هناك استمروا يقدرون سلالة هذه الأسرة ويعلون من شأن أفرادها الذين كانت لهم شعبية لدى الناس في كل مجال ارتادوه.


وربما أن النحس الذي طال الأسرة هو الذي جعل لها هذا النصيب من المحبة لكن أسرة آل بوش أيضاً كان لها حظ من التواجد في المجالات السياسية والرياضية والتجارية وقد وصل أعضاء من هذه الأسرة إلى المراكز السياسية العليا عبر أربعة أجيال فمنها رئيسان وهما الأب جورج بوش في دورة واحدة ثم ابنه جورج الذي حكم دورتين وكذلك أصبح منهم سيناتور وآخر حاكم ولاية، وفي السياق نفسه فقد كاد ينطبق الأمر على عائلة آل كلينتون حين شغل بيل كلينتون منصب الرئيس لولايتين فيما كانت زوجته هي السيدة الأولى ثم وزيرة للخارجية ثم مرشحة للرئاسة وكانت قريبة جداً من منصب الرئاسة وهكذا أرى أن كل أنواع الحكم مهما اختلفت إلا أنها تتسلسل من توافق أو عقيدة أو فكرة أو سطوة فردية أو حزبية أو عسكرية؛ ففي الوقت الذي نجد فيه الأسر الملكية فإننا نجد في المسار العائلي نفسه تسلسلاً حزبياً يسمى الحزب الحاكم وهو الذي يتبنى توجهاً محدداً، كما لا ننسى وجود التنظيمات والميليشيات الطائفية التي تحكم من وراء ستار ويجاريها في الاتجاه نفسه الدول التي تحكم من قبل العسكر وهم الذين ينقلبون على رغبة الناس ويتسنمون كرسي الرئاسة من فوق ظهر الدبابة ثم يتناسلون تباعاً حاكماً بعد الآخر في ما يمكن أن نسميه الفرقة الحاكمة من أسرة آل.. عسكر ولا يغيب عن فطنة القارئ أن المقصود الرتبة العسكرية حتى لا ينصرف الظن إلى بعض أفراد عائلة العسكر الكريمة في بلادنا.