-A +A
بشرى فيصل السباعي
من يراجع تاريخ العرب والمسلمين بالعصر الحديث على ضوء دوامات العنف العبثي العدمي التي تعصف حاليا بالعالم العربي والإسلامي سيصدمه كيف أنهم جيلا بعد جيل يكررون ذات السلوكيات اللاعقلانية الهدامة والعقيمة، وهذا يدلل على صواب الحكمة القائلة إن التاريخ يبقى يكرر نفسه حتى يستوعب أصحابه درسه، ولكون أتباع الجماعات التي تسمي نفسها بالجهادية هم من الشباب الصغار هم لم يعايشوا إخفاقات الجيل السابق وهناك مؤامرة صمت عن الواقع الحقيقي لما يزعم أنه جهاد والخالي من كل المثاليات التي تزعمها الجماعات لاحقا وينخدع بها المراهقون، ولا أدل على هذا من اتخاذ الجماعات والتيارات الجهادية اللباس الأفغاني كزي موحد، وذلك لأن مرجعيتهم العاطفية تتمثل بما تسمى بفترة الجهاد الأفغاني والذي لم يعايشوه لكنهم سمعوا بمثالياته بالتسجيلات ومنشورات الدعاية التي زيفت واقع تلك الفترة، والذي كشفه آحاد ممن عايشها أبرزهم د. حذيفة ابن الشيخ عبدالله عزام الذي يعادي القاعدة وفروعها وداعش، وهو كشف بمقابلات ومقالات وتغريدات بخاصة منذ تناحر الجماعات الإسلامية في سوريا عن أن ما يفعلونه هو تكرار لأخطاء ما حصل بأفغانستان؛ وقال إن «العرب هم الذين علموا الأفغان التكفير وتوابعه وما كانوا يعرفونه قبلهم»، وأيضا حينها هناك من أعلن نفسه خليفة وأفتى لأتباعه بسبي واغتصاب المسلمات وبيعهن بسوق النخاسة، وتعرض حذيفة بعد اغتيال والده لتهديد من خليفتهم بسبي والدته إن لم يبايعه «تغريدة بتاريخ 2/يونيو/2015»، فجماعته كفرت من لا يبايعها، وبعد كل هذا لما انفض الناس عن الخليفة هاجر واستقر في بريطانيا! وبعد انسحاب السوفييت خاضت الجماعات الجهادية حروبا ضد بعضهم ودمروا وقتلوا واغتصبوا أكثر من السوفييت، وتكرر ذات النمط مع الجماعات الجهادية بالجزائر والقوقاز والعراق والصومال وباكستان واليمن وليبيا وسوريا، وتكتم الخطاب الديني السائد على أخبار اقتتال الجماعات الجهادية بحجة «عدم نشر الفتنة بين المجاهدين»، ويتكرر هذا حاليا في سوريا، لكن الصحيح أنه ولإيقاف تكرار ذات حلقة العنف الإرهابي العدمي يجب أن تسلط الأضواء على واقع أنه كلما قامت جماعة جهادية بحرب عصابات وثورة ضد سلطة وإن كانت جماعة موحدة بالبداية كما حصل في الجزائر وسوريا، فسرعان ما تحصل انقسامات داخلها تنتهي بالتكفير والاقتتال واستحلال سبي نساء بعضهم، والنبي قال بالصحيح (..فالقاتل والمقتول في النار) لأن كليهما كانا حريصين على قتل بعضهما، ثم ولأن كل جماعة تبطش بعموم الناس بتهمة تعاملهم مع غيرها، فهذا دائما أدى لرفض المجتمعات المسلمة للجماعات الجهادية.