-A +A
خالد الجارالله (جدة)
إذا ما كان السعوديون، وبحسب دراسات مختلفة، ضمن أكثر مستخدمي مواقع التواصل الشهيرة على مستوى العالم، في كونهم، وحسب عرض إحصائي قدمه خبراء تقنيون عالميون من «تويتر» و«ليكند» و«أرامكو»، يستأثرون بحصة كبيرة جداً من إجمالي ما يتقاسمه العالم من حسابات التواصل، فإنهم حتماً سيكونون الأكثر عرضة للتأثر بما يعرض فيها من محتوى سواء بالسلب أو الإيجاب.

ولن يكون منطقياً التسليم بفضاء تلك المواقع الفسيح وجعلها مسرحاً لعبث من يشاء وفي أي وقت يشاء، والتسويغ للعبث بالأخلاق والقيم الذي يصدر عنهم بذريعة الحرية وغياب الضابط التقني، لذا فإن ملاحقة العابثين ومرتكبي الجرائم المعلوماتية كانت منتظرة لدى المعنيين بصلاح المجتمعات وأمنها الفكري.


فوفقاً لإحصاءات علمية منشورة بلغ متوسط ما يملك الفرد في السعودية من حسابات في جميع مواقع التواصل الاجتماعي سبعة على الأقل، ثلاثة منها نشطة، وعدد مشاهداتهم على سناب شات تخطى ستة مليارات يومياً بين عامي 2015 و2016، ويصدر عنهم في «تويتر» في اليوم الواحد 500 ألف تغريدة، ما يزيد المسؤولية على من يستدخدمها ويضعه تحت المساءلة لحجم تأثيره على مجتمعه.

أجهزة الأمن دقت طبول الحرب على مفسدي هذه المواقع على اختلاف وسائطها وتطبيقاتها، وبدا أن لغة جادة وحازمة سيتم التفاهم من خلالها مع كل من امتطى صهوة الشهرة واعتلاء منابرها بالبذاءة والإساءة والسخف، ولم تفرق بين «منسدح» يفترش الأرض دون أن يتورع عن سوق العبارات الخادشة جهاراً نهاراً، وبين مراهق يجوب الشوارع ويتمثل بالنساء لتمرير ما يصفها تربيون «تصرفات غير لائقة»، فضلاً عن ما بينهما من متهمين بالتحرش اللفظي في تطبيقات «اليوناو» و«تويتر» و«سناب» وغيرها، ومرتكبي مخالفات ينص نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية على معاقبة مرتكبيها لسوء استخدام الإنترنت واستغلاله للإساءة بالسب والقذف وإساءة السمعة والتشهير بالصور وخلافه.

يقول المتخصص في الإدارة الإعلامية عبدالملك الفايز: «كانت لافتة الجهود الكبيرة لرجال الأمن في تتبع هؤلاء، كما كان لافتاً أيضاً الحراك الاجتماعي الكبير من مرتادي هذه المواقع بالإبلاغ عن كل مسيء ونبذ ما يرد عنه، ولأن الشيء بالشيء يذكر فإن تحليل تقنيين على فترات مختلفة كان يصب في محصلته إلى التحذير من تطبيقات بعينها، تُستغل لنخر العقول والإخلال بالذوق العام حتى تصل إلى ترويج الممنوعات ونحوها، وعلينا الأخذ بها بجدية لأن خطرها جسيم إن روجنا لها، ولنبدأ بأنفسنا بالحظر والإبلاغ عن مثل هؤلاء».

خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة كانت وتيرة الملاحقة الأمنية لهذه الفئة متصاعدة، وتم القبض على مجموعة من الأشخاص اعتادوا تقديم أنفسهم على نحو غير لائق ومسيء وأصبحوا رهن التحقيق أو الاعتقال، إما للإساءة العامة أو الإساءة الشخصية أو ورود ما يخدش الحياء، فخلال أقل من شهرين ألقت الشرطة القبض على عدد منهم في مهمة لقيت ترحيبا واسعا لدى شريحة واسعة، ترى أن مثل هذا الأمر ينعكس إيجاباً على واقع الناس، سيما المراهقين الذين بات عليهم إدراك أن معرفاتهم وإن كانت تحت أسماء مستعارة تضعهم تحت طائلة المساءلة.