-A +A
مصطفى زقزوق
نظام الكون لا يتغير.. ولكن الذي يتغير هو الإنسان نفسه في استهتاره بالحياة ومنافرته فيها.. واختياراته للبؤس بروح بائسة يغالبها الضعف والسأم والشقاء والخروج من مسارات السلم والأمان إلى حدود معادية مدمرة.. وهروب عناد إلى عناد يواجه بعضه بعضا بعنف يغلي ويضطرم ويتمرد حتى يصل إلى أقصى درجات الهلاك والإبادة لكل شيء نابض.. والإعجاب بوحشية حروب وأسلحة عاتية لا تؤمن بالإنسانية بتاتا!
وكأن التفاهم والحوار هما المجازفة والانقباض من جميع المحسوسات التي لا تمثل في نظر تجار الحروب إلا الفراغ الذي لا يقبل بأي اعتراض في تكرار الفواجع وكراهية الحياة.
كل ذلك نشاهده ونسمعه ونقرأه في تاريخ وحدود هذا الزمن وفي أغلب بقاع الأرض.
والإشفاق من سقوط الآلاف من البشر برصاصات قاتلة ومواجهات ظروف قاسية وتحقيق خسارات عالية في الأرواح والأموال ونسيان مجاعات تتكلم بسكون عاصف وهي التي تلبس تحولا ظاهرا وشعورا حزينا وتأوها مريرا يظهر على وجوه موجوعة بألوان باهتة وفي ضعفها لا تستطيع الشكوى من مصير أليم ولا يصل صوتها إلى تلك الضمائر المستكبرة زوالا فما هذا الذي يجري على كوكبنا الأرضي من قتل وتنكيل وتشريد الخ.
ومن المؤكد أن كل هذه المواجع في عالمنا غير قابلة للعلاج والبرء والانطفاء مادام أن هناك تعقيدات معجبة بجبروتها وبأوهام انتصارات خائبة.
والأسف على تفاهة مسببات ذلك التوتر والغضب.. وعلى العجز الكامل وغياب المنطق في تقدير مكاسب الخير ومصائب الشر.
وعجيب لأمر النفس البشرية وجهل معاني الحكمة والتحسب لمزيد من مستجدات المآسي والارتباك بلا وعي تهتدي به إلى النجاة من هيمنات أفكار فقدت التمييز بين البقاء والفناء إلا بهذا الاختلال لبصيرة قد أنكرت قيمة الحياة وكرامة الإنسان والوصول بهما إلى نهاية مؤسفة بالأكثر وبالأقل فيها والقريب والبعيد منها.
والرأي الناقص هو الذي يضع غلالة حمراء من أجل مصالح وأطماع على حساب الجنس البشري بصفة عامة. والشواهد على تلك الجرائم كثيرة في مشارق الأرض ومغاربها يعبر عنها صمت جنازات ليس لها قبور وأحداث تتفجر في كل يوم بغير هدف ولا معنى.
والحروب قد لا تكون من شيء مؤثر... وإنما تشتعل بأغراض غامضة أول ما تغتال الحب وبأسلحة ليست لها أخلاق.!

(*) مثقف سعودي