-A +A
علي محمد الرابغي
سبحان الله وعبر التاريخ الطويل الذي من الله علي بالحياة.. فقد مررت أثناء سفري بأحداث جسام بعضها من صنع الرحمن أو ما يسمى (بآيات الله) وبعضها من صنع البشر.. كان أول حدث الزلزال الكبير المدمر الذي حدث في تركيا عام 1999م والتي فزعت تركيا بقضها وقضيضها وكان الإيمان بقوة الله سبحانه وتعالى وقدرته التي تفوق كل قدرة.. كان الزلزال آية من آيات الله ومن جنوده سبحانه وتعالى.. وكنت أحس الناس يحاولون الفرار ولكن إلى أين.
ثم عشت في عام 2006 في صيفها حدثا ولده وخلقه نزق الإنسان وعنجهيته وانفراده باتخاذ القرار.. كان ذلك نتيجة جنوح حزب الشيطان ورئيسه الذي أخضع لبنان والمصطافين لإشباع نزواته من غير أدنى هوادة أو تفكير.. وهربنا هروب الخائفين يملأ قلوب النساء والصغار والكبار الفزع والخوف حتى غادرنا حدود سوريا من الأردن.

وهذه المرة الثالثة وهي على عظمها إلا أنها أخف وطأة.. فهي تجربة جديدة نعيشها ولأول مرة ولكن معدلات الأمن والطمأنينة كانت أكبر.
ليلة الانقلاب:
لا أحد يعلم ما يخبئ القدر له.. بينما الأحداث تولد في مهد المفاجأة دون سابق إنذار.. في جو هادئ هو ما نعرفه حقيقة عن إسطنبول هواء عليل ونسمات رقراقة.. ولكني لاحظت على سائقي التركي أثناء نقلي وأسرتي من مطار إسطنبول لسكني الخاص.. وهو حقيقة الرادار الذي يكشف على صفحة وجه ما تبدو عليه حالة الجو أو الحالة العامة.. لقد كان يحاول إخفاء الواقع.. لكن الأحداث الكبيرة دائما تكسر طوق المجاملات وسياسات التحايل.. حتى لاحظته يعالج جهاز التليفزيون.. وكانت المفاجأة الكبرى دبابات ومروحيات وهي وإن كانت بعيدة فى أنقرة عن إسطنبول بعد المدينة عن جدة إلا أنه سرعان ما تغير ليل إسطنبول.. في مظاهرة استعراضية للعضلات وللبوح عن ولاء الشعب لقائده وامتثالهم لمجرد إشارة منه أن يخرجوا إلى الشوارع والميادين.. كانوا بحق متاريس حالت دون تمكين الخارجين عن القانون من الخونة من أن يحققوا مأربهم.. واشتعلت سماء إسطنبول بالصيحات والغضب والتنديد بالمتآمرين.. وارتفع الصوت فى المآذن ينادون بتأييد أردوغان وحزبه والالتفاف حول القيادة.
وما إن تم دحر الانقلاب وتقهقر حتى تحولت إسطنبول إلى مظاهرات ابتهاجية عفوية في حالة من الشكر والثناء لله على هذا الفوز الذي عزز فرصة البقاء لأردوغان وحكومته.. كل ذلك ولم تطلق رصاصة واحدة من متحمس أهوج بل كان الجميع يتصرفون في حالة من الانضباط وإعلاء حب الوطن.. وسرعان ما عادت الأحوال إلى وضعها الطبيعي.. وتجدر الإشارة إلى أن ذلك كله قد جرى في حركة من المرونة والانسيابية.. إذ ظلت الكهرباء مشتعلة والاتصالات على سابق عهدها.
وسهر ليل إسطنبول حتى أشرقت شمس يوم جديد وسيظل يوم 15 يوليو يوما تاريخيا فى حياة الأتراك.. ويوما حالك الظلام على من قام بالانقلاب ومن هم وراءه.. والشعب قد قال كلمته ولا شيء يعلو فوق صوت الشعب.. ويشكر الملك سلمان أول قائد أيد ويشكر الأتراك بحرارة الملك سلمان إذ عبر باسمه وباسم شعبه عن الشكر والامتنان لخالق السموات والأرض أن عادت المياه إلى مجاريها.
اليوم يومك فافرحي يا أنقرة
أهداني الصديق التركي العتيق رمضان نازلي عبر وسائل الاتصال هذه القصيدة التي اختزلت مشاعر الشعب كل الشعب التركي إلا من أبى:
اليوم يومك فافرحي يا أنقرة
وتوشّحي حُلَل البَها يا مرمرة
في عرس إسطنبولَ لما أعلنت
نصراً وعاد إلى المغاني عنترة
متوعّداً أعداءه متوسّطا
أحبابه بين الوجوه المسفرة
ما فرّ في يوم الكريهة مثلما
فرّت حمير عداته من قسوَرة
الحمد لله الذي أخزاك يا
عبد اليهود ويا وجوها منكرة
أكتفي بهذا القدر من القصيدة لضيق المساحة..
سبحان الله فالأحداث تصقل الإنسان وتثري تجربته.. وشكرا لكل من اتصل بى وبأسرتي في محاولة للاطمئنان علينا.. وهذا من فضل الله من سر الروابط الإيمانية بين شعبنا السعودي.. وحسبي الله ونعم الوكيل.