-A +A
مي خالد
على الغالب سمع القارئ عن شعرة معاوية كثيرا، خاصة في البرامج الحوارية بعد أن يلقي أحد المتحاورين بكأس الماء على زميله الذي يجلس في مقابله أو يخرج أحدهما حذاءه الرثة الملمعة في محاولة لترميمها بمناسبة الخروج على التلفزيون. فإذ به يلوح بها أمام وجه الآخر وأمام المشاهدين.
لكن قلة قليلة من الناس -وأنا أحدهم بلا فخر- سمعوا بكنافة معاوية.

الكنافة تلك الهدية الرمضانية والاكتشاف الفذ هي أحد مثالب الخليفة معاوية، الذي سأدافع عنه دائما وأترحم عليه وأترضى ألف مرة، ليس لأن لدي توجها أو رأيا أو موقفا بما يسميه المؤرخون «الفتنة الكبرى»، فموقفي من الخلاف الذي شجر بين الصحابة مطابق لموقف «أصحاب التل» الذين اعتزلوا المجتمع أيام معركة الجمل وصعدوا التل وأقاموا فيه حتى نهاية الفتنة. غير أني من «أصحاب الكنافة» لا أكثر.
لقد ظل اسم معاوية ملاصقا لاسم الكنافة لفترة طويلة من التاريخ، فهو كما تروي كتب التاريخ أول من صنعت له الكنافة لكنه -غفر الله له- كان يأكلها وقت السحور لتسد جوعه طوال النهار القائض. وأنا أفضل تناولها تحت هدير المكيف بعد انتهاء وجبة الإفطار بقليل لدى اجتماع العائلة.
نعم أنا أعرف الكثير عن تاريخ الكنافة ومذاقاتها وأساليب أكلها. وسأبهركم بمعلومة جمالية رائعة لأختم هذا المقال «الحلو».
كلمة كنافة منحوتة من كلمتي «تشنا» بمعنى بلبل، و«فه» بمعنى خيوط.
أرشح لها تسمية خيوط البلبل في حال كونها عجينة أما حين تخبز وتحمر ويختار لها من الحشوات ما هو جبنة أو قشطة وترش فوقها المكسرات والسكر المذاب، فهي في هذه الحالة لوحة مكتملة الأركان تعيش في كنفنا طوال الشهر الكريم فهي «الكنافة» أدام الله عزها.. وأختم بعد -اللهم إني صائم- ببيت شعر لشاعر ذواقة وصف الكنافة فقال:
سقى الله أكناف الكنافة بالقطر
وجاد عليها سكرا دائم الدر
وتبا لأوقات المخلل إنها
تمر بلا نفع وتحسب من عمري.