-A +A
مي خالد
اعتدنا من الإعلام التقليدي أن يتعامل مع موضوع الإرهاب تعاملا موسميا. فمتى حدث هجوم إرهابي أو كشفت وزارة الداخلية مخططات لهجوم إرهابي تناول الإعلام موضوع الإرهاب وكثرت التغطيات واللقاءات والحوارات وعمل قصص صحافية عن الإرهابيين وإدراج صورهم مع صور ضحاياهم. وحين لا تكون هناك مخططات إرهابية أو إصدار نشرات لوزارة الداخلية وقوائم بصور الإرهابيين المطلوبين يسكت الإعلام التقليدي.
بينما تقول الدراسات الحديثة إن هذا النوع من التغطيات الإعلامية قد يساهم في توعية الجمهور بالفظائع التي يرتكبها الإرهابيون.. نعم ولكنه من جهة أخرى يغرس الخوف ويوصل رسائل إلى المؤيدين المحتملين للإرهاب.

أما فيلم الانيميشن الموت مرتين الذي ألفه الكاتب فيصل العامر وأخرجه مالك نجر الشهيران بالعمل الكرتوني الكوميدي مسامير، فهو ينشر في توقيت جيد حيث لم تشهد المملكة ولله الحمد أي هجوم إرهابي قريب، في ما اعتبره كسرا لمواسم الإرهاب التي عودنا عليها الإعلام التقليدي. إذن فيلم الموت مرتين عمل غير تقليدي بدءا من توقيته.
بطل الفيلم شاب سعودي اسمه سيف، لكنه سيف منحني الظهر وكأنه يحمل هزائم الدنيا على كتفيه، يعمل موظفا في وظيفة لا يحبها وبعد نهاية الدوام الممل ليس لديه سوى مكانين إما مجلس أمه العجوز أو رفقة صديقه ناصر الذي يعمل في السلك العسكري.
وحين تعطلت سيارته أثناء مهمة التفجير استعمل سيارة آيس كريم لتوصله لمهمته، فسيارة الآيس كريم هذه المرة لن تحمل المرح والمثلجات للأطفال بل تحمل الموت، فسيف وهو منحني الظهر ومنطفئ العينين لا يميز بين سيارة مصنوعة أصلا لتحمل الفرح وتبيعه وبين أي سيارة أخرى.
منذ أن تقع عينك على سيف تعلم أنه محبط ويعيش حياة لا يريدها. وقد تناول علماء النفس المعاصرون في الكثير من الدراسات والبحوث العلاقة بين الإحباط والعدوان حيث يقوم الشخص المحبط بالبحث عن الجماعات المتطرفة ليشبع حاجته إلى الانتماء والولاء، وعندما يعاق جهد الفرد تتحرك غريزته العدوانية لتحطيم العوائق.
الربط بين حياة الشباب الرتيبة والإحباط من جهة وانضمامهم للجماعات المتطرفة من جهة أخرى مما تناوله الفيلم تناولا غير مباشر.
هناك طبعا بعض المباشرة غير المستحبة في الفيلم كالمقدمة الخطابية التي استفتح بها الفيلم، والحوار الذي دار بين الشبح «رمز الإرهاب» وبين سيف عن شيوخ التحريض. شخصيا تمنيت لو ظل الشبح صامتا، ولو أن سيف بلا اسم معروف، لأن سيف يمثل شريحة كبيرة من شبابنا المحبط الذين يعيشون حياة رتيبة لا يريدونها، إنه يرمز إلى شبابنا غير المنتمي.