-A +A
علي محمد الرابغي
أجد نفسي ولأول مرة أقف في منتصف الطريق.. لا أقول حائرا ولا أجرؤ أن أقول إني مدرك ومستوعب لحالة هذا المخاض الذي قدر لنا أن نعيشه وأن نعايشه وكأنما هو (وكان قدرا مفعولا).
الماضي البعيد والحاضر الذي نكاد لا نعرفه:

لست أدري لماذا أحسست بحاجتي إلى العودة إلى الوراء استجر (كجمل من الصحراء لم يلجم) يوم كنت وأقراني طلبة في المرحلة الابتدائية نحيا في كنف الفقر والعوز.. ولكننا ننام ملء جفوننا في راحة وطمأنينة لا تشغلنا هموم الدنيا ولا أسعار السوق.
عبدالعزيز البر والخير والبركة:
وأذكر بمزيد من التقدير كيف أننا كنا في حي الكندرة بجدة نحرص على أن نقف في الشارع الرئيسي الذي يمر به موكب الملك العظيم عبدالعزيز يرحمه الله.. وكنا نتعرض لنفحاته الكريمة إذ يرمي من خلال نافذة سيارته بالعملة الفضية وكنا نتسابق على التقاطها.. تلك كانت سمات تلك الأيام.. ومن ثم تدرجنا حتى أذكر أنه في عام 1965 ميلادي اشتريت سيارة فيات.. وكانت هي سيارة النجوم.. نجوم الفن والإذاعة والصحافة والرياضة.. اشتريتها بالأقساط وكانت قيمتها ثلاثة عشر ألفا وخمس مائة ريال.. أما سيارة اليوم وقياسا على نفس المعدلات تبدأ من الأربع مائة ألف ريال وما فوق.. لعلي بهذا أوضح مدى النقلة المفصلية بأسلوب الحياة السعودية.. جاء ذلك عطاء من ربك.. عندما تدفق ذلك الذهب الأسود وكان أن أغنى وأفنى.
عبدالعزيز وابن سليمان:
لعلي أختزل هذه المرحلة بدءا من موحد المملكة وحتى هذه الفترة التي نعيشها الآن بكنف الملك سلمان.. كانت اقتصاديات الدولة تعتمد على النفط وقد كثر في هذا المجال الكلام ولا أريد أن أكرر.. فقط فإني أقف عند مفترق الطرق وأستشهد بكلام لأكثر من وزير من الأصدقاء الذين شرفوا بخدمة الوطن من خلال مجلس الوزراء.. إذ ذهب بعضهم إلى أن الدولة ما زالت تدار بأسلوب عبدالعزيز وعبدالله بن سليمان.. ولعل وزير المالية وظيفة كانت ذات وهج وبروز.. ظهر من خلالها محمد سرور الصبان والأمير مساعد بن عبدالرحمن يرحمهما الله ومحمد أبا الخيل الذي عاش عصر التدفقات ومن بعده إبراهيم العساف.
لقد كان موظف الميزانية في وزارة المالية الجندي المجهول إلا عند الوزراء ووكلاء الوزارات..
البند الرابع:
وهذا البند الرابع بند المشاريع كان هو الذي يعكس حجم الإنفاق لميزانية كل عام وكانت الأرقام فلكية في آخر هذه الأعوام يسيل لها اللعاب.
يشرف الوطن بأن الأماكن المقدسة الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة قد فازت بنصيب الأسد وظهر هذا جليا في توسعة الحرمين التي تقف شاهدا على حرص المملكة على أن تدفع في هذا المجال الغالي والثمين ولا تخشى في الله لومة لائم.
المعلم محمد بن لادن:
بن لادن تعتبر بحق رمزا من رموز هذا الوطن.. عرف قدرها فيصل بن عبدالعزيز يرحمه الله وأسند إليه تذليل كرا والكر طريق الطائف مكة.. وقد تحقق هذا الإنجاز بعد أن استهلك كثيرا من المعدات.. ولكنه استطاع تذليل هذه العقبات بإمكانات متواضعة لم تصل لها قدرات الآلة الآن.. وكذلك فعل بعقبة العقبة في عسير وفتح الطريق ويسر على المواطنين سبل التواصل.. وتعهد الملك فيصل يرحمه الله ذرية محمد بن لادن وكفلهم والشركة وأصبحوا في مستوى المسؤولية.. وعلى أيديهم تحققت الإنجازات الكبيرة التي كانت بحق محل إعجاب وتقدير وثناء الجميع.
الحوادث المؤسفة بسبب الرواتب:
كان طبيعيا أمام هذه الإنجازات الكبيرة أن يكون بن لادن هو عضد الدولة.. لذلك شرف كثيرا في تنفيذ هذه المشاريع التي استدعى تنفيذها سيلا من الموظفين.. ولعل خبر «عكاظ» المنشور يوم الاثنين الماضي يؤكد حجم هذه المؤسسة العملاقة وبالطبع فهذا لم ينشأ من فراغ.. والآن عجزت عن دفع الرواتب لأن لها حقوقا كثيرة لم تحصل.. أتألم أن تنهار هذه المؤسسة العملاقة.. وللحديث بقية عن الرؤية السعودية 2030.. وحسبي الله ونعم الوكيل.