-A +A
إبراهيم إسماعيل كتبي
فور إعلانها حظيت (رؤية 20-30) باهتمام واسع من المواطنين وأيضا المحللين في الداخل والخارج، وهي تستحق ذلك كخريطة طريق معلومة الزمن، وإن كانت الأهداف ممتدة بإذن الله. الرؤية تبدأ بعد 4 أعوام وهي فترة ضرورية لتأهيل واسع وتهيئة حتمية لمؤسسات الدولة والقطاع الخاص لتطبيق الرؤية في بيئة سليمة ومحفزة، للتحول التنموي الوطني نحو اقتصاد ذاتي القوة متنوع المصادر بعيدا عن هزات أسعار البترول، وتتعاظم معه مكانة المملكة وقوة اقتصادها كقاطرة للتنمية الشاملة.
مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية الذي وضع رؤية طموحة بهذه التفاصيل يدرك حتما حجم التحديات خلال مرحلة التهيئة ثم التطبيق، وهي لاشك كثيرة وكبيرة، وبقدر مواجهتها والشفافية والتكاتف والإنجاز الدقيق من الجميع تكون النتائج على أرض الواقع، خاصة أن الرؤية الإستراتيجية الجديدة استهدفت عدة محاور أساسية، أولها الخروج من حالة (إدمان الاعتماد على النفط) كما قال سمو ولي ولي العهد، وذلك بتنويع مصادر الاقتصاد الوطني وعلاج مشكلات التنمية وأمراضها بالشفافية والإرادة ليشعر المواطن بنتائج مراحل الرؤية من خلال خلق فرص الاستثمار والعمل والتنمية البشرية والارتقاء بمستوى الحياة، وما يستلزم ذلك من الوصول بالتعليم والصحة والقطاعات الخدمية إلى المستوى المنشود.
القطاع الخاص السعودي لديه إمكانات وخبرة كبيرة داخليا وخارجيا، ومن ثم تفعيل الشراكة الحقيقية هو هدف للرؤية الجديدة، لكنه في نفس الوقت يواجه تحديا للنجاح في ذلك، مثلما تواجه بعض الوزارات الخدمية تحديات بيروقراطية وتعقيدات إدارية وقرارات مترددة ومشاريع معطلة ومتعثرة وضعف جهود مكافحة الفساد، وقد أشار ولي ولي العهد بصراحة إلى جوانب مهمة من ذلك، وهذه الصراحة تعني وضع اليد على جروح معوقات تستلزم الإصلاح للمرحلة القادمة، خاصة أن دعوة وتوجيهات خادم الحرمين الشريفين، حفظه الله، واضحة بتعاون الجميع لتحقيق أهداف الرؤية.
التخطيط الجيد بداية صحيحة للطريق، ورحلة الألف ميل تبدأ بخطوة، والتحدي الأكبر يكمن في التنفيذ وتفاصيله المتشابكة، وكما يقول المثل (الشيطان يكمن في التفاصيل) وشيطان التعثر هو في الحقيقة الروتين والإهمال لمشاريع وقرارات في الأدراج، وقصر الجهد وعدم اكتمال الأهداف، فالرؤية الجديدة بطموحها لا تستهدف الاستهلاك الإعلامي وأحاديث المجالس، إنما انطلقت من إرادة راسخة للقيادة بمستقبل البلاد وحياة المواطن، وهي نتاج فكر مخلص وعزيمة على استحقاقات التنفيذ ومواجهة تحدياته، وتوفير البيئة الخصبة للغرس القادم وإصلاحات وإنجازات وخطط نتمنى ألا تتراجع نتائجها بعراقيل الأداء والإهمال وأبواب خلفية لفساد محتمل يستوجب المتابعة للجدول الزمني والمحاسبة، ودونهما تضيع الفرص وتهدر الأموال ويتسربل الوقت من عمر الرؤية، وهي فترة زمنية قصيرة جدا في عمر مسيرة الدول والشعوب.
المواطنون بشرائحهم المختلفة خاصة الشباب من الجنسين وذوي الدخل المحدود يتطلعون لمزيد من التحسن في فرص العمل والحياة الأفضل، لذا لا بد وأن تدرك جيدا الوزارات المعنية والهرم التنفيذي بها، بأنها مسؤولة ومحاسبة على المعوقات والتردد والركون الذي يحلو له بقاء الحال على ما هو عليه، لراحة الدماغ، فيمضي الشهر والسنة دون تغيير ولا إصلاح ولا تطوير ولا إنجاز إلا بالحد الأدنى.
الإعلام بدوره لا بد وأن يتابع هذه التفاصيل المفيدة حتى لا يجلس المسؤول مستريحا بأنه (ليس في الإمكان أبدع مما كان)، ولا المواطن يستعذب الانتظار على مقاعد المتفرجين وإهدار وقت العمل وتعطيل القدرات، فعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم كل في موقعه.

iikutbi@gmail.com