-A +A
علي محمد الرابغي
شهد الأسبوع الماضي أحداثا بالغة الأهمية ومفصلية.. أسهم في إكسابها هذه الأهمية عبقرية المكان وعبقرية الزمان وعبقرية الحدث.. بل وتجلت فيها عبقرية كل الأبعاد.. من أبرز مقومات نجاح هذه القمة أن توافرت لها عناصر غير مسبوقة لم تكن وليدة المفاجأة أو الصدفة البحتة.. وإنما كانت وفق دراسة استراتيجية أخذت في الاعتبار كل الأسباب التي من شأنها أن توفر أقصى درجات الإمكانية لكي تنجح هذه القمة في تحقيق أهدافها.. وسبق ذلك كما يقولون (سبق الزمان بالزمان) إعداد منضبط مبني على أقصى احتمالات الفشل.. مهد لذلك في المقدمة قطبان سياسيان كبيران.. الملك سلمان بن عبدالعزيز بما يمثله من قامة وهامة بشخصه ولمكانة المملكة العربية السعودية حاضنة الحرمين الشريفين.. التي تسكن قلوب ملايين الملايين من المسلمين في شتى أصقاع الأرض.. والقمة الشامخة الأخرى رجب طيب أردوغان زعيم الجمهورية التركية الإسلامية والذي تسيد في بلاده من خلال العمل الدؤوب المخلص وتصدرت بالتالي بلاده قائمة الدول الإسلامية من خلال تمسكه بالإسلام عقيدة ومنهجا.. وحقق لبلاده مكانة وسمعة دوليتين رغم كل المعوقات ورغم كل العقبات ورغم كل الجبهات.. من هنا فقد اجتمع القطبان عن قناعة ويقين على أن في الوحدة قوة وفي الاجتماع بركة وفيضا من الإمكانات والقدرات.. وعلى مدى ستة أشهر ومن خلال اللقاءات المباشرة وغير المباشرة نجح الزعيمان في تقريب وجهات النظر واستقطاب العديد من رؤساء العالم الإسلامي الفاعلين.. الأمر الذي مكن لاجتماع القمة ولأول مرة أن يجمع على اتخاذ قرارات دامغة.. متخذين جميعا مبدأ إقرار الحقيقة لايخشون فيها لومة لائم وإنما يريدون بها وجه الله والمصلحة العامة.
إياد مدني ومنظمة التعاون الإسلامي:

استطاع هذا الرجل أن يتفوق على نفسه وأن يكون بارا بوطنه وأن يرتقي في علو وشموخ ليبرهن على أن اختياره لهذا المنصب إنما جاء مناسبا.. لأنه بالفعل كان هو الرجل المناسب في المكان المناسب.. ولأول مرة في تاريخ المنظمة تنجح هذا النجاح الباهر.. إذ فرشت بساط الأخوة الإسلامية وإعلاء مصلحة الإسلام فوق العنعنات والترهات.. ووضعت القيادات الإسلامية أمام مسؤولياتها الصراحة أمام الله ومواطنيها.
فكان أن تحققت هذه المكتسبـــــات إذ توصل المجتمعـــــون إلى إقرار 200 بند وهذا في مفهـــــــوم الكم إنجاز كبير ورائد.. وفي مفهــــــوم الكيف إنما هو بعد يحمل معه ومن ثنايا طياتـــــه بذور إشــــراقــــــة أمل جديد بمولد عهد جديد.. يشعر معـــــه شباب هذه الأمة بأن مســـؤوليــــــاتهم ومقدراتهــــــم إنما هي في أيد أمينــــــة تخاف الله وترجو رحمتـــــه ورضــــاه.. وتعلــم أن في الاجتمـــــاع نصرا وعزة وفي الاختلاف فرقة.
أحسب أن هذا مؤشر يؤشر إلى أننا نضع الحصان أمام العـــــــربة لننطلق راشدين نحو آفاق ومكتسبات تقوي العضل الإسلامي عند شباب الأمة الإسلاميـــــة وتحميهم من أن يكونوا نهبا وسلبا لأعدائـــه الطامعين.
إيران المنبوذة:
ولأول مرة بالتاريخ يأتي التصريح بأسلوب الصوت العالي دونما مواربة أو خشية.. إحقاقا للحق وتقريرا للواقع.. إعلان ممارسات إيران التي يرفضها الدين وترفضها الأخلاق بل والجوار وكل ما تعارف عليه البشر من نسيج العلاقات الإنسانية.. هكذا وجدت إيران نفسها منبوذة بعيدا عن السرب.. وذلك جزاء من حارب الله ورسوله والمؤمنين.. وحسبي الله ونعم الوكيل.