-A +A
بشرى فيصل السباعي
إن كان لنا أن نختزل ونجمل الغاية والمحرك الذي يحرك كل جماعات العنف والإرهاب باسم الإسلام وبدعوى إقامة الشريعة التي لم تبق فظيعة من الفظائع لم تقترفها بحق المسلمين قبل غيرهم فهو ببساطة؛ إرادة حمل الناس بالإكراه والجبر والقهر والترويع والخوف والإرهاب على مظاهر ما يعتبرونها الشريعة أو الدين، ويعتبرون أنهم بهذا يقومون بالدور الواجب دينيا على كل مسلم، وكثير ممن حاول مجادلتهم لإقناعهم بعدم صحة الخروج على المجتمعات الإسلامية وتكفيرها واقتراف جرائم إرهابية بحقها لم يوفق في إقناعهم لأنه جادلهم في تفاصيل التفاصيل من كتب الفقهاء، وللأسف أنه في بعض كتب الفقهاء ما يتخذونه كمسوغ لنهجهم، بينما لو عدنا للأصول وهي كتاب الله وسنة النبي فسنجد ما يكفي ليفحم ويبطل كليا منظورهم ونهجهم وطريقتهم، مثل قوله تعالى (عليك البلاغ وعلينا الحساب) «الرعد:40». (فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمصيطر) «الغاشية: 21، 22». (أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين) «يونس:99». فالله تعالى نص على أن دور النبي وحامل رسالة الإسلام هو مجرد تبيينه للناس وتبليغهم به وتذكيرهم بحقيقته وليس فرض السيطرة على الناس لحملهم بالإكراه على مظاهر الإسلام، فالإكراه لا يجعل الناس مسلمين صالحين إنما يجعلهم منافقين يقومون بظاهر ومظاهر الدين فقط لتجنب التعرض للعنف، والله لا يقبل ما هو متولد عن نية غير مخلصة له سبحانه، ولهذا لا قيمة لكل ما يتم إكراه الناس عليه من مظاهر وظاهر التدين دون أن يكون متولدا عن رغبتهم الذاتية المخلصة، ولهذا قال تعالى (لا إكراه في الدين) «البقرة: 256». كما أن من يتم إكراهه على شيء هو كاره له ستتولد لديه رغبة في الانتقام والكيد لمن أكرهه وقهره وغصبه رغما عنه ولما تم إكراهه عليه فيعمل على هدم أركان الدين بالخفاء، وقد تحدث وكتب كثير من العلماء عن دور المنافقين في إضعاف الإسلام من داخله، لكنهم لم يبحثوا في سبب هذا التوجه، فالله تعالى عندما ينهى عن أمر فهو يرشد الناس بذلك إلى أنه أمر وحال عقيم سلبي وثماره سلبية، ولهذا فالخلاصة؛ هي أن كل من يعتقد أنه حامل لرسالة وراية ودعوة الإسلام فدوره ينحصر في البلاغ والتذكير وليس محاسبة الناس وافتراض بطلان إيمانهم وإكراههم على الدين بسلطة وسطوة الإرهاب والعنف والخوف، والمجتمعات كالغرب يمكنها أن تسع أصحاب التوجهات والقناعات والدعوات المتطرفة طالما هم لم يلجؤوا للعنف والإرهاب لفرضها على الناس بالإكراه.