-A +A
أحمد عجب
ما زلنا نسمع حتى اليوم، عن أمانة سائق تاكسي لجأ إلى مواقع التواصل الاجتماعي للتعريف بحلي ومصوغات ذهبية وجدها في المقعد الخلفي لسيارته على أمل الوصول لصاحبها، وآخر ذهب برجليه لمركز الشرطة ليبلغهم بأنه أراد سحب مبلغ بسيط من الصراف الآلي فدرت عليه الماكينة أضعاف ما كان يريده دون أن ينقص من حسابه شيئا، وثالث وجد بأحد المنتجعات السياحية حقيبة يد نسائية مليئة بالأوراق والإثباتات الشخصية فراح يسلمها بدوره لقسم الأمن والسلامة، وغالبا ما تنتهي مثل هذه القصص الحية بصورة للشخص المبلغ وبجانبه مدير الجهة المسؤولة وأمامهم على الطاولة تظهر كومة المفقودات وعبارة خجولة دونت بخط صغير تشير إلى تقديم الشكر له!؟
يظل من النادر جدا، أن تسمع بأن الشخص أو العائلة التي فقدت مقتنياتها قدمت مكافأة مادية لمن عثر عليها، تلقاهم وهم يفتشون في كل الأماكن التي زاروها مستعدين للتنازل عن نصف المال لمن يجده، لكن هذه الوعود الوقتية سرعان ما تتبخر بعودة الدراهم إلى زنازين جيوبهم، وإذا كان لدينا من قبل بصيص أمل بأن نرى يوما من الأيام من يكافئ بكل كرم مثل هذه النماذج المشرفة، فإن الخبر الأخير لمثل هذه العينة، بدد هذه الأحلام نهائيا حين تجاهل أحد التجار فتاة تعمل بائعة بأحد المحلات التجارية أعادت إليه ظرفا بداخله 120 ألف ريال كان قد نسيها هناك حيث يقال إنه لم يبد أي اهتمام لتصرفها بل إنه استخسر فيها كلمة شكر عابرة!!

بداية كنت سألوم التاجر على قلة ذوقه، ولكنني سرعان ما تراجعت حين سمعت بأنه لم يشعر أساسا بأن المبلغ ضاع منه، ما يعني أن الموضوع ما كان يحتاج لكل هذه الهالة من إدارة السوق، اتصالات، وأمر مهم، وضروري تجي بنفسك، وفي الأخير تطلع شوية فكة أو تفاريق يقدر يطلع أضعافها في صفقة مشبوهة إن كثرت ما تاخذ معه أربع وعشرين ساعة، بعد هذا كله، تريدون منه أن يتنازل ويطالع هذي الفتاة الفقيرة التي لو جمعت رواتب سنة كاملة ما وصلت لنصف هذا المبلغ، يا جماعة خلونا واقعيين، يعني هذه الطبقة المخملية والبرجوازية التي تملك الملايين وتسكن القصور وتقتني السيارات الفارهة، لو كانوا يلقون بالا للمواطنين البسطاء، كان ظل بيننا فقراء وعاطلون وأحياء عشوائية؟!
اللي قهرني صحيح، الناس اللي طلعت تبرر لهذا التاجر عديم المشاعر، أحدهم يقول ما قامت به الفتاة واجب عليها ويفترض ألا تنتظر أي مقابل له، والثاني يقول وش دراكم يمكن التاجر دعا لها في سره، أما الأخير فيستغرب تعظيم عمل الفتاة وكأنها قامت بشيء استثنائي، أما أنا فلا أخفيكم سرا بأنني كلما تذكرت قبول هذه الفتاة الأمينة وعلى مضض رغبة إدارة السوق في حضورها معهم ساعة تسليم المال للتاجر، كونهم توقعوا منه أن يسأل عنها ليشكرها أو يكافئها، وكلما تذكرت وقوفها أمامه دون أن يعيرها أي اهتمام وما قد يخلفه هذا التصرف الأحمق من جرح غائر لكرامتها، راحت تومض في مخيلتي تلك التعليقات الثائرة التي ترى بأن الشرهة ما هي عليه الشرهة على الفتاة من الأول!؟
ajib2013@yahoo.com