-A +A
بشرى فيصل السباعي
بعض الدراسات الغربية التي درست ظاهرة الطفرة التي حصلت في مستوى ونوعية التوحش في سلوك الجماعات الإسلامية الإرهابية كما في سلوك داعش منذ احتلال العراق عام 2003، خلصت لأن السبب في هذه الطفرة هو أن من حصلت بهم هذه الطفرة هم الجيل الذي كان طفلا عند احتلال العراق ومن كان طفلا بالعاشرة صار خلال عشر سنوات شابا وقياديا في الجماعات الإرهابية ولم يعرف الحياة الطبيعية غير العنيفة وغير الحربية وغير الطائفية، ولهذا تبلدت كل الحساسيات الفطرية لديه بالآخرين واعتاد العنف بل وصار بالنسبة للفتية مجالا لإثبات الفحولة والتفوق بدل أن يكون إثبات ذاتهم وتفوقهم كما نظرائهم هو بمجالات الرياضات والفنون والعلم والعمل فصار بالتفنن بالعنف والقسوة والبشاعة والسادية والسيكوباتية «انعدام التعاطف والرحمة» وهذا حتى قبل أن تسيطر الجماعات الإرهابية كداعش على مدن ومناطق بكاملها وتجبر المدارس والجامعات فيها على تدريس مناهجها التكفيرية مع حرمانها من الإنترنت والبث الفضائي، ومن رفض تدريس المناهج التكفيرية من الجنسين تم قتلهم علانية وأجبر الأهالي تحت التهديد على إحضار أبنائهم ليتعلموا عقيدة ونهج داعش وليتدربوا في معسكراتها التي تسمى «أشبال الخلافة» على أنواع الفظائع، والنتيجة أطفال لم يتجاوزوا العاشرة يظهرون في مقاطعها يذبحون الناس بسيكوباتية وسادية يعجز عنها الرجال الطبيعيون. والجيل الذي كان قبل هذه المرحلة عمره عشر سنوات الآن صار في حوالى السادسة عشرة، ولهذا هزيمة داعش عسكريا لا تكفي لإيقاف خطرها لأن هناك حرفيا جيلا كاملا في مناطق سيطرتها تبرمج على نهجها ولم يعرف شيئا غيره، والإنسان لا يتذكر غالبا بشكل واع كثيرا مما كان قبل سن العاشرة، ولهذا يقال في التعبير الشائع «منذ وعيت على الدنيا» ويقصد به ما بعد سن العاشرة، فهناك جيل في مدن ومناطق بكاملها منهم أجانب وفدوا إليها ومنهم سكان محليون لم يعوا شيئا غير نهج ومنظور داعش وأمثالها، وهؤلاء يجب إعداد منظومة إعادة تأهيل كاملة لهم تعيد تأهيلهم نفسيا وعقليا وسلوكيا ودينيا وأخلاقيا واجتماعيا وتعليميا وعمليا بعد تحرير تلك المناطق والمدن من سيطرة داعش وإلا لن تنتهي سلسلة الإرهاب التعيسة، وليس أقل الاعتبارات أن هناك جيلا بكامله شهاداته التعليمية معترف بها من قبل داعش فقط وأمثالها، فماذا سيحصل لكل هذا الجيل الذي لديه شهادات تعليمية غير معترف بها؟ كيف سيتم التعامل معهم؟ كيف سيتم توظيفهم؟ هل سيصبحون عاطلين عن العمل؟ ودائما البطالة تقود إلى صنعة الإرهاب الرائجة.