-A +A
علي محمد الرابغي
رحم الله خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الرجل الذي كان بعيدا في نظرته عفويا لا تحكمه ديباجة معينة.. وإنما ينطلق من عميق إيمان مسلم ويقين راسخ وفراسة من الصحراء التي غالبا لا تخيب.. تأتي الأيام تكر تباعا كحباة المسبحة.. ويصاب العالم بالهشاشة وارتفاع درجة الحرارة إلى حد الفوران.. وأصبح الناس يعيشون اللحظة والتو يصيخون آذانهم في انتظار خبر قادم يحمل فجيعة ونذر الدمار.
تلك هي الحالة الإنسانية في هذه الأيام التي لا تعرف كما يقول البادية (من قبيله) وسبحان الله فقد حذر الملك عبدالله من قرب وصول خطر الإرهاب ومداهمته لأوروبا وأمريكا.. جاء ذلك في سياق تعبيره يرحمه الله عن ذلك الهجوم الذي شنه مسلحون على مقر صحيفة شارل ابدو الفرنسية الساخرة.. وكما توقع فقد وصل مد الإرهاب متعديا الشرق الأوسط ليصل إلى أوروبا مخلفا الضحايا والفجيعة والتوتر والإحساس بعدم الأمان.. كان يرحمه الله يحذر أن الهجمات ستطال دولهم خلال أشهر ما لم يتضامن الجميع شرقا وغربا ويقفوا في وجه هذه الظاهرة الغريبة على المجتمع الإنساني.. ولعل ما حدث من قبل أشهر في الملعب وفي المسرح في باريس قد كان مفاجأة وصدمة هزت الغرب من الأعماق، جعلته يفيق على الواقع الجديد وأحس بالخطر الداهم وأخذ يجند كل طاقاته في سبيل القضاء على هذه الطغمة الباغية.. وما إن أفلح المسؤولون في إزالة آثار العدوان حتى عاد الإرهاب ليضرب من جديد وفي عنف بالغ في بلجيكا بمحطة المترو والمطار.. ومن الغريب.. الغريب العجيب والذي كشفته نتائج التحقيق أنه وبعد إلقاء القبض على العقل المدبر صلاح عبدالسلام ومقتل محمد بلقائد ببلجيكا جاءت هذه التفجيرات وكأنما هي تحمل رسائل إنذار بأن القادم سيكون أخطر.
أين داعش من إسرائيل وأمريكا:

هذا السؤال الذي يفغر فاه في دهشة تملأ ساحة السماء والأرض.. من وراء داعش.. ولماذا داعش لا يصل إلى إسرائيل وقد طالت يده الدول الكبرى كفرنسا وبلجيكا.. أسئلة وجيهة لا يجرؤ أحد حتى الآن أن يضع لها جوابا شافيا.. فإن كان هناك الكثيرون الذين يعرفون حقا من وراء داعش.. القرآن الكريم يرى أن من يكتم الشهادة فإنه آثم قلبه.. ولكن في عصر التيه وذوبان الحقيقة اختلط الحابل بالنابل وفقدت القيم معانيها.. إذ لا يمكن أن تجد تفسيرا عقليا أو أدبيا أو معنويا يقنعك بما هو الهدف السامي من وراء كل هذه الأساليب الهادمة.. القتل المتعمد لا لشيء.. والتضحية بالنفس لا لشيء.. والسكوت على الجريمة.. وكما قيل الساكت عن الحق شيطان أخرس، والناطق بالباطل شيطان ناطق.. فها هي إيران تعيش في المنطقة في عشوائية بوهمية وتتمدد شرقا وغربا وجنوبا وكما يقولون وعلى عينك يا تاجر.. وحزب الشيطان يغذي بؤر الجريمة بعناصره الشيطانية ويصادر حرية القرار في لبنان ويدق أسفين الخطر في نعش هذا البلد الجميل.. أين فرنسا الصديقة والراعية لحقوق لبنان.. أين أمريكا الدولة الأولى في الكون.. أين الغرب.. تلك علامات استفهام مذعورة تطير في الهواء وما من مجيب.. وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة، قال: وكيف إضاعتها؟ قال: إذا أسند الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة).
حقيقة إن الأمر مؤسف ويرسل إشارات إلى أن الخطر قادم وأن إدارة العالم ليست في أيد أمينة.. كان حلم يوم أن كنا نعول على الأمم المتحدة وعلى مجلس الأمن لرعاية مصالح العالم والوقوف في وجه الظلم والعدوان والعمل على نصرة المظلوم والاقتصاص لحقه.. كل تلك المقومات أصبحت فقاعات تتطاير في الهواء.. ولا حول ولا قوة إلا بالله.. وحسبي الله ونعم الوكيل.