-A +A
أحمد عجب
حين أحتاج للعودة لنظام التقاعد المدني، فإنني أحرص على التعامل معه بكل رفق ولين، بعد أن وهنت أوراقه واشتعل الشيب في مواده وفقراته، هذا النظام الذي صدر بالعام 1393هـ ومر عليه 44 سنة، يخضع اليوم لدراسة محدودة تهدف إلى تعديل بعض من أحكامه ، هذا النظام لو احتسبنا مدة خدمته الطويلة بجانب الفترة التي سبقتها في البحث والدراسة حتى الموافقة على صيغته وإقراره ، لوجدناه أكمل عامه الستين بالراحة ، وأي تعديل يطرأ عليه مهما كان جوهريا ، فإنه أشبه ما يكون في نظرنا برجل مسن انهكته أمراض العصر وبات غير قادر على مجاراة الحياة ومع هذا يحاول جاهدا إيهامنا بحيويته وشبابه مرة بصبغ شعره ولحيته ومرة بالتفكير في الزواج بعشرينية !!
هذا النظام قديم جداً ، لا يتناسب مع حاضرنا ولا يتوافق مع حجم التطورات الحاصلة ، خذوا عندكم على سبيل المثال : الرواتب والمعاشات الواردة فيه تتكلم عن 200 و 300 ريال وقد يكون لها قيمة في ذلك الزمان لكنها اليوم لا تكفي لسداد فاتورة الجوال أو الماء ، لا يزال النص قائما على أنه في حالة عدم تحديد الميلاد باليوم والشهر فيعتبر الميلاد باليوم الأول من الشهر السابع من السنة الهجرية التي ولد فيها وقد يكون لهذا الإجراء ما يبرره قديما لكن بقاءه حتى اليوم أمر مستغرب في ظل البيانات الدقيقة المدونة بسجل الأسرة أو ببطاقة الهوية الوطنية ، أما الحالات التي يحاول هذا النظام معالجتها فقد أكل عليها الزمان وشرب ولم تعد موجودة إلا بحكايات الطيبين !؟

التعديل المراد إجراؤه ، هو رفع سن التقاعد من 60 إلى 62، وإن جاز لي التصويت فإنني أعلن رفضي التام لهذا المقترح، ذلك أن السنوات الأخيرة من عمر الموظف الحكومي تمر ثقيلة، لهذا تراه يحضر متأخرا وينصرف مبكرا فكل شيء من حوله يبعث للملل بداية من رئيسه الذي يصغره بعقود وانتهاء بزملائه الشباب الذين لا يوجد بينه وبينهم أي انسجام ، وبالتالي فإنني أرى تخفيضه إلى 58 سنة للرجل خاصة وأن متوسط عمر الإنسان في زمننا الحالي قل كثيرا مقابل زيادة حالات الوفاة المبكرة ، وليس من المنطق أن يداوم الموظف لآخر يوم بحياته، أما المرأة فمن باب تعويض خدمتها المتقطعة أقترح رفع سن تقاعدها إلى 65 سنة كونها أطول عمرا وغالبا ما تكون مسيرتها العملية محصورة بين تبادل الشكاوى مع زميلاتها بالقسم وبين استنفاذها لكافة الإجازات المقررة والخاصة بالوضع والأمومة والعدة وخلافه !؟
أما عن مقترح وضع حد أدنى للمعاش ، فأرى أنه من الأسهل إلغاء نظام التقاعد الحالي وإعادة صياغته من جديد، على أن يتم استبعاد الطريقة الحالية للتسوية والتي تتم على أساس جزء من أربعين جزءا من آخر راتب تقاضاه المتقاعد وبحسبة بسيطة لو كان الراتب 7000 ريال يضرب في مدة الخدمة بالشهور عن 25 سنة ومن ثم يقسم على 480 نجد أن المعاش لا يتجاوز 4375 ريالا ، وهو بحق لا يكفي الحاجة ، ولهذا أرى أن يتم حسابه وفق شرائح معينة بحيث ترتفع النسبة كلما قل الراتب وتنخفض النسبة تدريجيا كلما ارتفع الراتب ، وهو ما سيحقق العدالة والمساواة بين المتقاعدين بعد أن انحصرت مهامهم وتوحدت مسؤولياتهم في تصيد أخطاء أهل البيت وإطفاء لمبات الحوش !!