-A +A
علي حسن التواتي
سبق أن كتبت يوم الثلاثاء الثالث من يوليو 2012 في جريدة (عرب نيوز) مقالة باللغة الإنجليزية تحت عنوان «إغلاق مصفاة موتيفا قد يكون مدعاة لمراجعة استثمارات أرامكو الخارجية المباشرة».
وكان سبب مقالتي تلك هو ما حدث لتوسعة مصفاة بورت أرثر النفطية أكبر المصافي الأمريكية حجما وإنتاجا، الواقعة في خليج المكسيك/ تكساس من إغلاق فوري بعد افتتاحها بساعات نتيجة لمشاكل فنية وتسربات وحرائق كانت خارجة عن نطاق السيطرة فكان الإغلاق هو الحل الفوري والأوحد لتدارك الكارثة.

ومصفاة بورت أرثر هي واحدة من ثلاث مصاف تملكها أرامكو السعودية مناصفة مع شركة شل الملكية الهولندية/الإنجليزية في الساحل الأمريكي من خليج المكسيك تحت العلامة التجارية (موتيفا) التي بدأت أعمالها سنة 1998 إضافة إلى استثمارات مشتركة أخرى في لوزيانا وفلوريدا ومواقع أخرى في الولايات المتحدة. ولقد بدأت التوسعة المتعثرة في بورت أرثر سنة 2007 واستمرت لخمس سنوات تخللها توقف في 2009 ثم استئناف للأعمال بتكلفة إجمالية وصلت إلى 10 مليارات دولار قبل أن تفتتح ذلك الافتتاح الكارثي ما أجبر موتيفا على الإغلاق الذي زاد على سنة وكلف الشركة أكثر من 1.54 مليار دولار.
واليوم، وبعد 4 سنوات من مقالتي المشار إليها أعلاه، وبعد سنتين من المفاوضات بين شركتي أرامكو وشل لفض الشراكة العشرينية التي كان من المفترض أن تنتهي بعد سنتين أخريين على كل حال، يبدو أن وقت إعادة أرامكو للنظر في استثماراتها الخارجية قد أزف بدءا بالشراكة التي استمرت لثمانية عشر عاما بينها وبين شل في (موتيفا). فأرامكو الآن تحت ضغط استكمال متطلبات طرح أولي لبعض أسهمها للاكتتاب المحلي والدولي العام، وشركة شل في أمس الحاجة الآن للسيولة النقدية، فهي تخطط لتحصيل ما لا يقل عن 30 مليار دولار من خلال برنامجها الإستراتيجي للبيع التدريجي لبعض أصولها الخاصة والمشتركة ومن ضمنها شراكة (موتيفا).
وبالرغم من الغموض في تفاصيل صفقة فض الشراكة إلا أن ملامحها العامة قد اتضحت من خلال مذكرة التفاهم التي تم توقيعها بين الطرفين وبموجبها تحصل شركة شل على مصفاتي لوزيانا النفطيتين (473 ألف برميل/اليوم للمصفاتين معا)، إضافة إلى مصفاة في الشمال الشرقي و9 أرصفة شحن للمشتقات والاسم التجاري لشل في فلوريدا. وستحصل الشركة أيضا على تعويضات مالية من أرامكو لم يعلن عن حجمها بعد.
أما أرامكو فستحتفظ بالاسم التجاري (موتيفا) وستتملك مصفاة (بورت أرثر) بالكامل (603 آلاف برميل/اليوم من المشتقات) بحسب البيانات الأمريكية مع 26 رصيف شحن وحقا حصريا في استخدام علامة (شل) التجارية في تكساس ومعظم ولايات الغرب الأوسط والجنوب الشرقي.
وتعتبر مصفاة بورت أرثر من أفضل منافذ النفط السعودي ومشتقاته الخارجية فقد استوعبت سابقا 11 مليون برميل في الشهر، وفي ديسمبر الماضي استوعبت 8.7 مليون برميل بالرغم من تراجع الطلب على النفط الأجنبي مع تنامي إنتاج النفط الصخري في أمريكا.
ولطالما بدأنا في فض شراكة (موتيفا) التي كان لا بد من فضها خلال سنتين لانتهاء أجلها، على أي حال، فإني أرى أن الوقت قد حان لإعادة هيكلة (أرامكو السعودية) قبل طرح أسهمها للتداول، وذلك بإعادة النظر كمرحلة أولى في مجمل استثماراتها وشراكاتها الأجنبية الحالية والمستقبلية للتعرف على حقيقة أوضاعها وتطوير المربح منها والتخلص من الخاسر. وبعد ذلك لا بد من مرحلة ثانية تتم فيها مع الشركة القائمة ذاتها كمرحلة بإعادة هيكلتها كشركة واضحة المعالم وقابلة للحوكمة والطرح الأولي الجزئي أو الكلي كشركة مساهمة.
ورغم احترامي لشركة أرامكو والقائمين عليها إلا أنني أرى أن مثل هذه المهمة كبيرة جدا ولا يمكن للشركة أن تحيط بها بإمكاناتها الحالية، ولذلك أدعو لتأجيل طرح أسهم من أرامكو للاكتتاب الأولي العام حاليا، وبدلا من ذلك، العمل على تشكيل (هيئة ملكية خاصة) تضم مؤسسات وكفاءات محلية وعالمية (غير ماكنزي) لإتمام كافة أعمال إعادة الهيكلة لواحدة من أهم مؤسساتنا الاقتصادية إن لم تكن أهمها على الإطلاق..