-A +A
علي محمد الرابغي
كنت مع أسرتي وعديد من إخوتي السعوديين والخليجيين ننعم بنسمات الصيف في لبنان.. وكانت لبنان كالقمر قبل الخسوف.. ووسط المتعة والاستجمام والانسجام التي لم تحلُ لحسن نصر الشيطان مخلب القط الإيراني.. فافتعل حكاية الأسيرين من أجل تخفيف الخناق الذي ضيقه الغرب على إيران.. فما كان منه إلا أن ارتهن لبنان وأهله ومصالحه بمن فيهم شيعة لبنان رهينة لطموحات الفرس ولتنفيذ سياستها التوسعية الغادرة.. كان الأربعاء نذير شؤم إذ أنصت الناس جميعا وعاشوا تحت مظلة الرعب والخوف.. وأخذت الفئة الباغية من حزب الشيطان يتظاهرون في هياج فرحا بالحرب بينما اللبنانيون من الطوائف الأخرى يصبون جام غضبهم على هذا الطاغية.
وفي اليوم التالي كنت ألحظ العجب فالحافلات الكبيرة أعدتها السفارات الخليجية لإجلاء رعاياها بينما طلائع حزب الشيطان يرفعون أعلامهم في تهليل وفي فرح والسيدات يهتفن بحياة السيد حسن.. في الوقت الذي تنهال اللعنات وجام الغضب من الإخوة في بحمدون الذين سوف تدمر هذه الحرب اقتصادياتهم التي تعتمد كلها على فصل الصيف يعيشون ويقتاتون عليها بقية السنة.. وسبحان الله عندما انجلت الحقيقة وتكشفت الخسائر الفادحة.. أخذ الشيعة الذين غرر بهم يلعنون السيد حسن.. فقد فقدوا الكثير من تحويشات العمر بل وفقدوا أعضاء مهمة من أجسادهم.. كلها نتاج تهور وجنون من مجنون حزب الشيطان.. ولكي نعرف الحقيقة المرة أنشر قائمة بحجم خسائر لبنان:

* خسارة لبنان 100%، وخسارة إسرائيل صفر.
* عدد القتلى اللبنانيين 2023، بينما عدد القتلى الإسرائيليين 144 قتيلا.
* عدد الجرحى اللبنانيين 3740، بينما عدد الجرحى الإسرائيليين 360 جريحا.
* جسور مدمرة لبنانية 72، مقابل لا جسور إسرائيلية مدمرة.
* منازل مدمرة في لبنان 28 ألف منزل، بينما في الجانب الإسرائيلي 11 منزلا فقط.
* منازل متصدعة في لبنان 14 ألفا، وفي إسرائيل 141 منزلا متصدعا.
* تدمير البنية التحتية اللبنانية بنسبة 65%، وعلى الجانب الإسرائيلي لا شيء.
* إغلاق مطارات في لبنان لإصابتها بأضرار هي 3 مطارات، وفي إسرائيل لا شيء.
* تلوث الشواطئ اللبنانية والبحر اللبناني بنسبة 40%، وفي إسرائيل لا شيء.
* مرافئ بحرية لبنانية متضررة ومغلقة بحاجة للترميم 4، وفي إسرائيل لا شيء.
* محلات تجارية لبنانية مدمرة 3200، محلات تجارية إسرائيلية مدمرة لا شيء.
* تدمير طرقات لبنانية بنسبة 45%، تدمير طرقات إسرائيلية لا شيء..
15 مليار دولار قيمة خسائر لبنان.. من المستفيد وبالتالي من الرابح لغة الأرقام لا تكذب.. ولمجابهة الرأي العام الذي حمله ما ألم بلبنان وشعبه من دمار وخراب.. جاء اعترافه وتصريحه بعد الحرب في مقابلة تلفزيونية.. أنه لو علم أن عملية خطف جنديين إسرائيليين كانت ستؤدي إلى جولة العنف التي استمرت 34 يوما لما قمنا بها قطعا.. وهذا دليل التفكير العشوائي والانقياد والتبعية.
الخروج من لبنان
كان معالي الصديق السفير عبدالعزيز خوجه واجهة مضيئة مثل دور المسؤولية فكان حفيا بكل مواطن كبيرا وصغيرا رجلا وامرأة.. ولمع في ذلك الوقت راشد العجمي رجل الخطوط السعودية.. الذي كان له الفضل في حملي على الخروج من الجبل.. ونصحني بالطريق السالك ونزلت إلى بيروت لأسحب الجوازات والفلوس.. وشهدت الرعب والخوف الذي كان يسكن في قلوب المواطنين الذين لا حول لهم ولا قوة.. وتخطت من فوق رؤوسنا القذائف من البوارج التي كانت في البحر.. مستهدفة الجمهور ومستهدفة مكائن الكهرباء والكباري والبنية التحتية.. ونحن نعايش الخوف والمصير المجهول.. وعند المصنع على الحدود لقينا معاملة كريمة من الإخوة اللبنانيين.. ولكن على بعد أمتار تمثلت المأساة في أبشع صورها.. إذ شاهدت بأم رأسي سيدات كريمات تنهمر دموعهن خوفا وقهرا بما لقينه من تعنت الجانب السوري.. وقررت أنا وابنتي الدكتورة ريم العودة إلى لبنان والرضى بقبول الحالة كيفما اتفق.. ولكن سائقي اللبناني قال لي ضع دولارات في جوازات سفر الخادمات وأعطها للضابط السوري.. وأخذها وختمها ولكنه لم يعطنا تصريحا للسيارة إمعانا في ممارسة الإهانة والابتزاز.. ثم انهالت علينا في خسة ونذالة هتافات من زمرة النظام السوري.. إسرائيل سوف تضرب الآن أعطونا فلوس لنخرجكم.. ولولا ضيق المساحة لجسدت كثيرا كثيرا من معاني الصور الغابوية. وحسبنا الله ونعم الوكيل.