-A +A
عبدالرحمن باوزير (جدة)
لا يكاد يمر يوم إلا ويتذكر السعوديون أول وزير تقلد أول حقيبة وزارية لخزانة المال وملف الاقتصاد السعودي الذي كان يشهد بداية صناعته، الرجل الذي عرف باسم ابن سليمان جال الخليج بعد أن قضى مراحل تعليمه في أحد قطبي منطقة القصيم عنيزة، ما أكسبه معرفة بدهاليز التجارة التي كانت نشيطة في الساحل الغربي من الخليج العربي.
عبدالله بن سليمان الحمدان، تقلد الوزارة عام 1932، بعد أن حظي بثقة الملك المؤسس وأبناؤه الملوك من بعده، فالرجل الذي ولد في نهاية القرن الثامن عشر، كان برتبة «رجل دولة» في عهد المؤسس، وعرابا لعدد من المشاريع التنموية، حتى إن الحكومة السعودية أطلقت عددا من شوارع مدن البلاد باسمه، ولعل أشهرها الطريق المحاذي جنوبا لجامعة الملك عبدالعزيز بجدة. روايات تاريخية جادة تشير إلى أن الوزير قدم من صلب المال والتجارة، إذ رحل في وقت مبكر من عمره إلى الشرق في بلاد البهارات «الهند» والتي كانت أقصى حد وصله تجار نجد في بداية القرن الـ20، فيما ساهمت مغامراته التجارية في فهم نظريات الاقتصاد وطرقها المعقدة، حتى بات الرجل الأول في سدة وزارة المال وأحد ركائز «رجالات الدولة الفتية» آنذاك. يحسب للوزير المحنك مقدرته في إدارة اقتصاد الدولة قبل ظهور النفط، ويقول باحثون في تاريخ المملكة الثالثة، إن ابن سليمان كان ذراع الملك المؤسس فيما يتعلق بالاقتصاد والإدارة، حتى إنه ساهم في إنشاء أول تجليات وزارة المالية قبيل إنشائها، إذ أدار مديرية المالية العامة في مكة المكرمة في 1927. وقبل إقرار أولى الموازنات التي صدرت عام 1934 بعامين، عين ابن عنيزة وزيرا لوزارة المالية، وكان أول وزير يتم تعيينه في المملكة الفتية، وتعزو مراجع تاريخية إلى ابن سليمان بأنه عراب أول ميزانية للبلاد والتي بلغت 14 مليون ريال.

واستطاع ابن سليمان تنويع مصادر الدخل في خزانة الدولة، إذ كان النفط يدر المال بجانب إيرادات الحج والعمرة، وبعض المداخيل، بيد أن أول وزراء الملك المؤسس نجح في رسم ملامح ميزانيات الدولة في ثلاثينيات القرن الـ20.
ويقول تجار في المدينة الساحلية جدة، إن الوزير كان لديه شغف في التعليم الجامعي، إذ إنه دعم قيام أول جامعة أهلية في عروس البحر الأحمر، (جامعة الملك عبدالعزيز)، أما أسرة الراحل فتستند إلى جدار صلب في التجارة وعالم المال، إذ يحسب لجدهم أنه أول من بنى فندق (خمسة نجوم) في جدة، بعد أن ترك العمل الحكومي، كما أن الأسرة تشعبت في التجارة، حتى أصبحت من أهم «البيوتات التجارية في المملكة».