-A +A
علي محمد الرابغي
أستطيع ان اقول ان الفكر العربي قد دخل في دائرة النضج والفعل الحقيقي.. مستفيدا من التجارب التي مر بها عبر سنوات عمره القصيرة ولكنها حافلة بالعطاء المثمر وبالإتقان.
أستطيع ان اقول مرة اخرى ان الاوهام لا تلد الا اوهاما.. ولكن الفعل هو الذي يترجم الاحلام الى واقع.. وهكذا هو حال الفكر العربي.. ما زلنا نذكر البداية بالقاهرة حيث انعقد مؤتمر «فكر 1» والآن ينعقد مؤتمر «فكر 14» بالقاهرة.. وبين البداية والعودة مرة ثانية حدثت امور شتى وأصيب العالم العربي بنكسات تدمي القلوب وكما قال رئيس مؤسسة الفكر العربي:

عالم مضطرب..
ومنطقة تلتهب..
وعرب تحترب..
همَّش العقل نفسه..
وفقد الضمير حسَّه
وكانت هبة الفكر العربي ومن داخل اروقة الجامعة العربية وتحت رعاية الرئيس السيسي انعقد لواء الفكر في صحوة جديدة وبدفع جديد يسري في عروق الفكر والمفكرين ولعل خطاب الرئيس المصري جاء مستوعبا لكل الاهداف والطروحات التي من اجلها يعمل الفكر العربي اذ جسد في كلمته خارطة طريق جديدة لطريق الفكر.
لقد أدى صعود الجماعات الراديكالية والمتطرفة التي تمارس الإرهاب وانتشارها في بعض الدول العربية إلى إزكاء ثقافة العنف الديني والمذهبي ونشر الفكر التكفيري بما يهدد الوحدة الوطنية ويفرض قيودا على حرية الرأي والتعبير والإبداع بكافة أشكالها الأمر الذي ينعكس سلبا على أوضاع الثقافة والمثقفين العرب.. ويمثل بيئة مواتية لظهور مشاريع سياسية ودينية.. ومذهبية وقومية تسعى إلى تغيير واقع جغرافيا الدولة الوطنية.. وذلك من خلال صراعات مفتعلة بين الفكرة العربية الجامعة.. وبين مدعي الفكر الإسلامي.
وفي ضوء ما تقدم، وأخذا في الاعتبار العوامل الثقافية والإبداعية التي تمتلكها الدول العربية.. وفي طليعتها اللغة العربية الجامعة.. والتراث الحضاري المشترك.. فضلا عن الإسهام الفكري والحضاري لمختلف الجماعات الثقافية الذي يثري الواقع الثقافي العربي.. فإنه يتعين تفعيل دور جامعة الدول العربية.. والمنظمة العربية للعلوم والثقافة «الألكسو».. وتطوير العلاقات الثقافية بين دول المنطقة المتقاربة ثقافيا.. من خلال المؤسسات الحكومية والأهلية.. بحيث تزداد الروابط والموحدات الشعبية والرسمية.. ويكون نتاج ذلك دعما لمشروع التكامل المأمول.. وبما يحقق الازدهار الثقافي والاقتصادي في المنطقة.. فضلا عن أهمية إيلاء الثقافة والتعليم والفنون.. ما تستحقه من عناية واهتمام.. من أجل إحداث نقلة نوعية في العقل والفكر العربيين.. بحيث تؤسس المناهج التربوية والجهود الثقافية بشتى أنواعها.. لعقد اجتماعي جديد.. يعلي من قيم المواطنة والتنوع.. واحترام وقبول الآخر.
وأجد في كلمة المستشار عدلي منصور ما يجسد حقيقة مؤسسة الفكر العربي حين قال:
إن مؤسسة الفكر العربي تعمل بإخلاص من أجل التنمية الفكرية، مشيرا إلى أن المؤسسة واحدة من أهم المؤسسات الثقافية في الوطن العربي.
وأوضح أن الوطن العربي في حاجة إلى ثورة حضارية تقوم على العقل والقيم، مشيرا إلى أن محاولات التقسيم، وملايين النازحين وتمدد قوى الشر لا يجب أن تستمر، مطالبا الجميع بالعمل لمواجهة كافة مظاهر الخروج عن الدين.
تكريم الإبداع والمبدعين:
أكد سمو الأمير بندر بن خالد الفيصل، أن الجائزة أوجدت للشباب العربي مساحة واسعة على خارطة التميز والعطاء والفوز بالجوائز تقديرا لدورهم الحاضر وتدعيما وتشجيعا لأدوارهم المنشودة في المستقبل، مشددا على حرص الجائزة الالتزام بالشفافية المطلقة في اختياراتها عبر لجان تحكيم حيادية متخصصة تنشد الإبداع الحقيقي طبقا للمعايير المنهجية المعتبرة التي لا تخضع لأي تأثيرات على مصداقية قراراتها.
وقال سموه «من الطبيعي أن تواصل الجائزة مسيرتها على نهج سياسة المؤسسة ومؤتمراتها التي تقوم على تحديث فعالياتها وتطويرها وتوسيع دائرتها، من خلال رصد الجوائز للإبداع بصوره المتعددة».
من هنا استطيع القول ان «فكر 14» جاء ليمثل قفزة نوعية وفعلية واعية ومستوعبة لما يحاك للوطن العربي في الخفاء والعلن في هذه الظروف القاهرة. وحسبي الله ونعم الوكيل.