-A +A
أحمد عجب
وفق اخر إحصائية أجريت حول الحوادث المرورية، وصل عدد الضحايا إلى 17 شخصا باليوم، وأكثر من 68 ألف إصابة سنويا، فيما قدرت الخسائر المادية بنحو 13 مليار ريال، وهو ما أهلنا نحن السعوديين بكل جدارة واستحقاق إلى حصد المركز الأول في الرعونة الزائدة والسرعة المتهورة وعدم احترام قواعد السير، وإذا كان لي من كلمة بهذه المناسبة التعيسة، فهي تثمين غياب الدور الفاعل للجهات المعنية، والإشادة باللاوعي الذي يتمتع به أغلبية الناس، والتي لولاها ولولا تنافر الجهود، ما وصلنا لهذا المستوى وما اعتلينا صدارة الترتيب على مستوى العالم!؟
بنفس هذه الصياغة كان سيظهر علينا التصريح فيما لو حققت بلدنا الحبيبة إنجازا مبهرا، فلم لا نمتلك الشجاعة ونقول نقيضه حين نجد أنفسنا في مكانة مخجلة، الآن فهمت ليه السعودي دائما مستعجل؟! لماذا لا يتقيد بالسرعة المقررة، لماذا يركن سيارته هكذا وسط الطريق، لماذا لا يعير طوابير الانتظار أمام الإشارة أي اهتمام ويعمد لتجاوز المركبات وصولا للمقدمة، ولماذا (وهذا هو المهم) يفقد أعصابه حين ينبهه أحد إلى تصرفه الخاطئ؟! إنه يحمل على عاتقه همومنا جميعا ويريد الحفاظ على مركزنا المتقدم في نسبة الحوادث المرورية!!

ما إن يبدأ الواحد منا القيادة بأحد الشوارع الرئيسية، حتى يشعر وكأنه انفصل عن الواقع تماما وأصبح أمام لعبة مغامرات إلكترونية، مهمته الوحيدة فيها الجري المستمر إلى أن يصل إلى محطته الأخيرة، هذه اللعبة المرعبة قائمة على الإثارة الحية، حيث لا يكفيك مشاهدة الطريق الذي أمامك، بل يتوجب عليك النظر للمرآة كل ثانيتين، حينها تدخل في جو اللعبة وتشاهد حيوانات بأحجام مختلفة تجري خلفك وكرات حجرية ضخمة تتدحرج باتجاهك، في الوقت الذي يتوجب عليك العودة للنظر للأمام تلافيا للوقوع في الحفر أو الاصطدام بالحواجز الخرسانية!!
أعرف أننا كسعوديين نملك المال الوفير ولا تهم الأغلبية العظمى منا الخسائر المادية حتى لو تحولت السيارة لكومة حديد، لهذا لن أعيد نفس الموال وأتطرق لضرورة التقيد بالأنظمة المرورية وخلافه، فالجميع من حولي كما هو ظاهر مستعجلين ولا هم فاضين لأحد يتفلسف عليهم، وإنما سأبدي اقتراحا يمكنه (بمشيئة الله) الحفاظ على الأرواح الغالية وتقليل نسبة الوفيات مع ضمان بقائنا بالصدارة، وهو استبدال اسم الشارع بمصطلح (حلبة سباق) مع ترقيمه لتمييزه، على أن لا يكتفى بمخالفة عدم ربط حزام الأمان، بل وحتى الخوذة والقفازات واللباس الواقي من الحريق!؟
وأخيرا لا يسعني سوى التحذير من تلك الأصوات الدخيلة، التي تدفعها غيرتها من تحقيقنا المركز الأول لإبداء بعض الحلول السطحية مثل فرض السلامة المرورية بالمتابعة الميدانية وإيقاع أقصى العقوبات على المخالفين دون محاباة، أو رفع سن منح تصاريح القيادة إلى 20 سنة، أو تحميل تخطيط الطرق وصيانتها مسؤولية ما يجري، هذا وأستأذنكم الآن لأنني في عجلة من أمري، واتمنى أن لا أشاهد من يلوح لي بيده مستهجنا لمجرد أنه سمع صوت افترار العجلات أو دخولي للشارع بشكل مفاجئ، فمشاويري اليومية تفرض علي مجاراة الواقع الأليم الذي يئسنا كليا من تغييره!؟