-A +A
بشرى فيصل السباعي
كشفت هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات السعودية، أنه خلال فترة الربع الأول من عام «2015» بلغ عدد مستخدمي الإنترنت بالسعودية حوالى 20 مليون مستخدم، وبلغ عدد مستخدمي الإنترنت بالعالم العربي أكثر من 135 مليون مستخدم، ماذا تعنيه هذه المعلومة؟.
تعني أن هناك 20 مليون إنسان بالسعودية لوحدها ومعهم أكثر من 100 مليون عربي وأضعافهم من العالم الإسلامي، باتوا عبر محرك بحث جوجل باحثين عن المعلومات والأجوبة والحقائق، ويطالعون كل الكتب والأسئلة والأفكار الممنوعة بكل اللغات، هذا غير البرامج الحوارية والوثائقية، وبهذا ما عاد يمكن أبدا تلقين الجيل الحالي الذي مئات الملايين منه يبحثون كل يوم وتقريبا طوال أوقات فراغهم عن ما يتجاوز ما تم تلقينهم إياه في القالب التقليدي السائد، وهذا أنتج واقعا فكريا وعقائديا جديدا يتمثل ببروز بعض الباحثين الذي لهم شعبية واسعة لدى الجيل الحالي لأنهم بحثوا ومحصوا المسلمات التقليدية وتوصلوا لأن كثيرا منها ليست من أصل الإسلام إنما من الموروث الزائد عليه، وهذا يعتبره السطحيون هجوما على الإسلام، ويعتبره الربانيون أهل البصيرة رحمة من الله تنقذ الجيل الحالي من التنفر عن الدين بالكلية بسبب الأنماط البالغة الهمجية التي يتصرف بها مسلمون يزعمون أنها من الدين وأنهم بها ينصرونه محتجين بأحداث من التراث.

ولولا تلك الأبحاث التجديدية التي أعادت اكتشاف الفارق بين النص الأصلي اليقيني القطعي وبين ما سواه لكانت كثير من النفوس النبيلة والعقول الذكية الواعية والواسعة الثقافة قد تنفرت عن الإسلام بالكلية، ولهذا وبشكل متصاعد ومتسارع ستزيد صعوبة قولبة عقول النشء وعموم الناس في قالب تقليدي منفصل عن الوعي العالمي المعاصر، وإن حصل إصرار لدى التقليديين على عدم فك الارتباط بين الموروث التقليدي المتصادم مع العصر وبين مصادر الإسلام الأصلية وإعادة قراءاتها وفهمها بشكل تجديدي مجتهد واع بالعصر وفاعل متفاعل معه ولا يقف موقف العداء تجاهه، فالنتيجة ستكون تنفير أذكى العقول عن الإسلام، مع العلم أنه عاجلا أو آجلا سيصبح هذا التوجه الحر في استقراء التراث الإسلامي هو السائد مع تزايد عدم إمكانية ضبط مصادر المعلومات بوجود الإنترنت، فحتى حجب المواقع غير مجد لأن هناك برامج تفتحها.
فالخيار دائما إما الوقوف في وجه تيار النهر الجارف، ولن يمكن لأحد إيقاف جريانه الجارف، أو الانضمام إليه ومجاراته، وعندها يمكن التأثير على مسار المبحرين عبره، فالأجيال الجديدة ما عاد يمكن منعها عن البحث الحر والتفكير المستقل عن القالب التقليدي.