-A +A
فؤاد مصطفى عزب
كان الحديث عن «البيزنس العائلي» وكيف تطورت مفاهيم هذه الشركات في العالم الأول لتصبح شركات عصرية وظلت هذه الشركات لدينا مكانك سر.. نفس التفكير.. نفس النشاط.. نفس العاملين.. نفس تصرفات بعض صبية الملاك والورثة وأنه حتى الشركات التي حاولت أن تتبنى بعض هذه الطرق العصرية اقتصر هذا التبني على المظهر أكثر منه بالجوهر.. ففي الوقت الذي تجد فيه على سبيل المثال أن إحدى هذه الشركات تغطي جميع أنشطتها بشبكة كمبيوتر رفيعة المستوى وتقتني أحدث الأجهزة تجد أن ليس هناك موظف واحد في الشركة له سلطة اتخاذ قرار استراتيجي خارج نطاق أفراد العائلة والأدهى من ذلك والأمر أن تجد أن بعض هذه الشركات تخلت عن أرقى الهياكل التنظيمية كمجالس الإدارة لتحيلها لمجالس للشركاء وهو الاسم البديل «لمجلس العائلة» وكان رأي أن هذا اللغز «البزنس العائلي» أو ما يسمى في الغرب «family Business» ظاهرة تجارية انتشرت في المراحل الأولى من حركة المال والأعمال كشكل من أشكال المؤسسات.. عرفتها كل اقتصاديات السوق العالمية.. وتجاوزتها معظم هذه الاسواق في مرحلة لاحقة حال انتشار ملكية المحافظ المالية وصناديق الاستثمار.. لذا أصبح من البديهي أن تهتم تلك العائلات اهتماما كبيرا بملكية الأوراق المالية التي تصدرها الوحدات الاقتصادية وهي أدوات جاهزة للدفع فورا وقابلة للتسييل فورا ولا تحتاج في حالة الخسارة لإجراءات طويلة ومعقدة للتخلص منها والانتقال الى بزنس آخر أكثر ربحا، لذا فليس من الغريب في هذه المرحلة المتقدمة من اقتصاديات العالم أن لا يهتم مثلا «ديفيد روكفلر» بملكية «تشيزمنهاتن بنك» ربما لديه حصة من الأوراق المالية لهذا البنك الكبير لكنه لا يمتلك البنك ذاته الذي تحول إلى مؤسسة مالية متخصصة قد لا يعمل فيها أي فرد من عائلة «روكفلر» كما كان الحال منذ عقدين من الزمان.. كما أننا نجد أن عائلة مثل عائلة «فورد» لا تكترث كثيرا بملكية مصنع سيارات «فورد» أو حتى «مراكز فورد الطبية» بل تهتم أكثر بأموال الحصص في كل وحدة.. وهذا التحول في الفكر هو الذي جعل ملكية العائلات تتحول إلى صناديق ادخار وشركات استثمار منظمة ومحافظ مالية للبنوك وغيرها من المؤسسات والتي تحاسب الشركات حسابا عسيرا.. تحتفظ بملكية الأسهم طالما كانت الشركة ناجحة ورابحة وتطاردها باللعنات بمجرد أن تتحول الأسعار نحو الهبوط وهذا التفكير دفع بالتالي بعض الشركات أن تصبح مؤسسة يملكها الأفراد العاملون بالشركة كشركة «أيفيز»، واختفى المالك الفرد واختفى معه البيزنس العائلي بمفهومه التقليدي في التركيبة الاقتصادية الغربية إلى حد كبير.. وتطور الحديث بعد ذلك ليشمل استفسارات عدة عن ارتباط التاجر السعودي بقطاعات المجتمع الأخرى.. ومتى سيشرع هذا التاجر في ادخال ابتكارات اقتصادية تعادل تلك التي قامت بها العائلات التجارية في الغرب ليصبح للمواطن السعودي دور رئيسي في هذه المؤسسات دون أن يرتبط اسمه الأخير بصاحب المؤسسة أو أن يتزوج ابنته على سبيل المثال.. وكان رأي الحضور أن مناخ الأعمال المتسامح للأسف لن يحقق أي تطور في هذا الاتجاه فبعض المؤسسات العائلية والتي أسماها أحد الجلوس «بيزنس الفكة».. طالما أن بعض الملاك على رؤوس هذه المؤسسات «ذكروا بالاسم» يؤمنون بأن من يملك لا بد أن يمنح ابنه فرصة العبث في التعلم في هذه القطاعات مهما كانت درجة تعليمه أو مستواه الذهني أو مؤهله الوهمي، وطالما انحصر عمل هؤلاء الأبناء اليومي في استدعاء «الجواسيس» بالمؤسسة ليستمع إلى ما تيسر له من الحكاوي والأخبار.. يحدث ذلك للأسف وبشكل يومي في بعض المؤسسات العائلية.. لا تخطيط.. لا أبحاث تسويقية لا تدقيق في المعلومات المطروحة.. لا تمحيص لواقع سوق البيزنس.. كامل البيزنس يقوم على حكاوي وإشاعات يرويها لهم يوميا أفراد تصرف لهم مرتبات لقاء هذا العمل فقط وإن أسندت لهم أعمال أخرى لحفظ ماء الوجه ولكي يبدوا أحياء يرزقون !! واستمر الحديث في نفس الاتجاه لينتهي بسؤال كبير كان شوكة في رئة الحاضرين.. ومتى سيكون لأي من أبنائنا مطرح قيادي في مثل هذه المؤسسات دون أن يكون اسمه الأخير يرتبط باسم صاحب المؤسسة.. ولم يجد أي من الحاضرين في تلك الجلسة جوابا والمجالس أسرار!!.