-A +A
بشرى فيصل السباعي
ينبئنا الواقع بأن هناك نوعين من العقول؛ عقل أحادي البعد ويعاني من انفصام إدراكي فيرى على سبيل المثال أن المعرفة الهادفة هي فقط الوعظية، ولهذا عندما ينشئ قناة تلفزيونية أو إذاعية ويريدها أن تكون هادفة يجعل كل برامجها وعظية وحتى الحوارية تكون عن ذكريات الشخصيات الدينية.
أما النوع الآخر من العقول فهو العقل المتعدد الأبعاد والأعماق والآفاق والذي يتمتع بمنظور جوهري شمولي للأمور ولا انفصام فيه، ولهذا لا يرى أن الدين هو المعرفة الوعظية فقط بشكل منفصل عن بقية الحياة، فهو يرى علوم العقل والوعي والرياضيات والفضاء والجغرافيا والأحياء والفيزياء والميتافيزيقيا وعلم النفس والباراسيكولوجي «علم نفس الخوارق» يراها كلها كتاب الله الحي الذي كتب الله فيه ما ينبئنا عنه سبحانه، ولهذا يعتبر أن القنوات المتخصصة بهذه المجالات هي قنوات هادفة وروحية وإن كانت أجنبية.

لكن من يسأل الناس ويبحث بالإنترنت سيجد أنهم يعتبرون القنوات الهادفة هي فقط التي كل برامجها وعظية باتجاه يكرس العقلية الأحادية البعد ولا تتضمن موسيقى ولا حضورا نسائيا ولا مواد فنية، مع أن بعضها ينتج مواد تمثيلية بغاية السماجة من نوع التهريج المبتذل والترفيه السيىء الأثر وإن كان لا يتضمن فحشا فهو ببلادة أفكاره وقبح أدائه ينحط بنفسية وعقلية من يشاهده.
وهناك فارق بين الترفيه والفنون، فالفنون الراقية ترقى بنفسية الإنسان وعقليته وثقافته، وإحدى تلك القنوات تسلطت عليها الأضواء مؤخرا بسبب ما قيل عن تورط أحد نجومها بقتل زوجته لأنه أراد الزواج بأختها المراهقة التي لم تتجاوز السادسة عشرة من العمر، ونجم آخر تورط بجريمة تعذيب طفلته حتى الموت بشكل بالغ البشاعة، وحسب تصريح من اطلع على حالتها بالمستشفى فقد تعرضت أيضا للاغتصاب العنيف والكي بالنار على آثاره مما تسبب بموت الطفلة التي لم تتجاوز الخامسة من العمر، ونجمان آخران من نجوم تلك القنوات التحقا بداعش وقتلا في سوريا.
ولو تم إنتاج فيلم للكبار أو للصغار ذي طابع روحي لكان أفضل من عشرات القنوات التي يتم تصنيفها على أنها هادفة لكنها بالحقيقة لا تحقق أي هدف جوهري حقيقي، فغالب برامجها مجرد جلسات كلام لا هدف له وكعامة كلام الناس بمجالسهم ولا يخلو أحيانا من الإسفاف، ووصل لدرجة الفحش مما أثار عاصفة من الاستنكار والانتقاد في تويتر خاصة أن المتورط فيه هو شيخ شهير، والبديل هو ترجمة برامج القنوات الهادفة الأجنبية وإنتاج مواد روحية وثقافية بإشراف محترفين على مستوى عال.