-A +A
طلال بن حسين قستي
تمسكا بالمبادئ الإسلامية التي تحث على الحفاظ على حقوق الإنسان في شمولية واضحة غير منقوصة، باعتبارها موجودة ومتلازمة مع الوجود الإنساني منذ الأزل، حيث يقول المولى عز وجل (ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا) الإسراء 70.
واستنادا إلى منطلقات المعايير الأخلاقية في الطرح الإعلامي عامة، وفي الطرح الصحفي المقروء خاصة، والتي تحتاج عناية خاصة في هذا الزمن، من أجل رفع مستوى الوعي الفردي والجماعي بحقوق الإنسان، وتنمية الإحساس بأن كل ما يعمله الإعلامي أو يكتبه أو ينشره له صلة مباشرة بحياة الإنسان، الأمر الذي يستلزم حماية حقوقه التي حرص عليها الإسلام منذ حوالي أربعة عشر قرنا، ولنا في قول سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه في خطابه لوليه على مصر عمرو بن العاص (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا) إشارة قوية لوقف انتهاك حقوق الناس، ويجعلنا نفتخر بأسبقية العمل في هذا المجال، ولا نستغرب كيف أن من صاغ مواد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948 استعار هذه الجملة مع بعض التعديل، فتصدرت المادة الأولى من الإعلان وهي (يولد جميع الناس أحرارا).

وانطلاقا من رسالة الإعلام البناء الذي يقوم على الكلمة التي تعبر عن الإنسان، وحاجاته، ومتطلباته، وهمومه، وآماله في الحياة الكريمة، وانسجاما مع قيمنا الإسلامية، أحببت أن أطرح مقترحا لمبادئ ميثاق إعلامي لبلادنا ولعالمنا العربي عامة لحفظ حقوق الإنسان وفق البنود المختصرة التالية:
(1) الامتناع عن استخدام الكلمات والعبارات التي تعبر عن احتقار فئة معينة أو جنس، أو قومية ما.
(2) الإقرار بأن لجميع الناس حقوقا متساوية.
(3) التعاون لتبسيط مفاهيم حقوق الإنسان وفق المنهج الإسلامي.
(4) الابتعاد عن صيغ التعميم عند الإشارة لوضع معين أو مشكلة ما، وأن نحتاط في إصدار أحكامنا على الآخرين، حتى لا ننتهك بأساليبنا قيمة من قيم الإنسانية.
(5) الاقتناع التام بأن الصحفي الناجح هو الذي يؤمن بحق الآخرين في العيش والتعبير والعمل بصورة سليمة ونظامية.
(6) أن نحرص في طرحنا الإعلامي على نشر ثقافة حقوق الإنسان، كما حثنا عليها نبينا صلى الله عليه وسلم.
(7) أن نلتزم في طرحنا الإعلامي بعدم التفرقة بين الأجناس، فليس في الإسلام طبقية، والعدالة بين أجناس الناس واجبة.
(8) البعد عن التعصب القبلي والعرقي، والعمل بدلا من ذلك على توثيق الروابط بين الناس على أساس من المحبة والإيمان.
(9) تربية الناشئة من الجنسين على الالتزام بالمبادئ والمثل العليا الإسلامية، واحترام الواجبات والتقاليد وحرمة حقوق الآخرين، والبعد عن انتهاك الآداب العامة.
(10) الحض على أعمال الخير، والتذكير بالفقراء، واقتراح الحلول التي تساعد تحسين أوضاعهم بدلا من التشهير بهم.
(11) الابتعاد عن أساليب الاستقواء والاستعلاء بالجنس أو اللون أو العنصر، مصداقا لقول المصطفى صلى الله عليه وسلم (لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى).
(12) يجب أن نتذكر أن دعاة التمييز العنصري الآن ومن قبل، استخدموا كل الوسائل للتفرقة بين الناس، ومارسوا كل الطرق لاستغلال الأجناس، بما فيها الاستعمار والاستعباد والإقصاء، وقد اعتمدوا في ذلك على وسائل عدة، من بينها وسائل الإعلام، والتاريخ الإنساني حافل بالمآسي التي ترتبت على ذلك.