-A +A
علي حسن التواتي
لم تمض أيام على سقوط طائرة الركاب الروسية فوق سيناء يوم 31 أكتوبر 2015 حتى سارع تنظيم داعش لإعلان مسؤوليته -كالعادة- عن إسقاطها بـ(صاروخ حراري) قبل أن يثبت فيما بعد أن إسقاطها كان بفعل قنبلة مزروعة على متنها فيما يدعو للتساؤل عن الجهة المسؤولة فعلا عن زرع القنبلة خاصة أن الرحلة وصلت لشرم الشيخ عن طريق دولة أخرى ولم تكن مباشرة من روسيا.
ولكن بالرغم من إعلان أجهزة الاستخبارات الروسية منذ البداية بأن ادعاءات داعش بالمسؤولية عن الحادث محض خيال إلا أن استخبارات دول أخرى سارعت للدخول على خط التحقيقات لتعلن بأن الطائرة قد سقطت بفعل قنبلة مزروعة على متنها، بل أن البعض أكد –من غير دليل– على أنها زرعت ضمن العفش في شرم الشيخ. ولذلك قررت تلك الدول منع مواطنيها من زيارة شرم الشيخ مع ترحيل الموجودين منهم فعلا فيها.

وأمام هذا الضغط والإعلان تغير الموقف الروسي بشكل مفاجئ وإذا بهم يعلنون أن الطائرة فجرت بقنبلة وأن روسيا ستنتقم من الفاعلين.
ولكن من هم الفاعلون؟ من أعلن مسؤوليته عن قتل رسامي جريدة شارلي ايبدو الفرنسية هو نفسه من أعلن مسؤوليته أيضا عن قتل رجال أمن وتفجير مساجد في السعودية والكويت ونسب لنفسه تفجير مظاهرة في أنقرة وحمل نفسه مسؤولية تفجيرات حي برج البراجنة في ضاحية بيروت الجنوبية وأخيرا أعمال القتل والتدمير في باريس.
ظلال قاتمة ثقيلة تخيم على العالم من تنظيمات متعددة وأجهزة مخابراتية عديدة لقوى بعضها ظاهر في الصورة وبعضها خفي ولا يعرف أحد ماهيتها إلا في أنها متفقة على نسبة المسؤولية لهذا التنظيم العجيب داعش الذي أحرق الرقة السورية ووسط العراق السني بسببه ولم ينهزم بل مازالت الجيوش تنهزم أمامه والغارات الجوية لا تؤثر فيه، ما يثير المزيد من التساؤلات والتحليلات.
ولذلك، بقدر ما نهتم بالبحث عن الجاني علينا أن نهتم بمسح آثار أفعاله ونتضامن لحرمانه من تحقيق أهدافه. ولعل هذا ما كان يدور في خلد القيادة السعودية الحكيمة ممثلة بسيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز الذي أمر على الفور بزيادة عدد الرحلات المباشرة لشرم الشيخ واستخدام طائرات أكبر. فإذا كان العدو المعلن أو الخفي يريد ضرب الموسم السياحي في مصر فإن خادم الحرمين الشريفين يرسل للعالم أجمع رسالة واضحة لا لبس فيها مفادها أن السعودية قيادة وشعبا لا تتسامح مع من يحاول إيذاء مصر بأي شكل من الأشكال، وأن الأجانب إن تكاتفوا على عدم السماح لمصر بتجاوز هذه الأزمة فإننا كسعوديين سنساعدها على تجاوزها، بالتأكيد على أن مصر آمنة وستبقى آمنة بأهلها وبنا نحن الذين لا نقبل المساومة بعلاقاتنا الأخوية والاستراتيجية معها.
وبمجرد صدور توجيهات خادم الحرمين الشريفين وتبين أبعاد الموقف الحازم تجاه مساندة مصر الذي عودنا عليه خادم الحرمين الشريفين في كل مواقفه، التقط رئيس مجلس أمناء جامعة الأعمال والتكنولوجيا الأهلية بجدة الدكتور عبدالله صادق دحلان الرغبة الملكية الكريمة في مساندة مصر، فدعا منسوبي الجامعة للاشتراك في رحلة تضامن مع مصر لشرم الشيخ على وجه التحديد، لتقلع يوم الخميس الماضي طائرتان إحداهما سعودية تحمل المصريين من منسوبي الجامعة والأخرى مصرية تحمل السعوديين كان رئيس مجلس الأمناء بنفسه على متنها، وتشرفت، بصفتي أحد أساتذة الجامعة، بمرافقته على نفس الطائرة إلى جانب مدير الجامعة الأستاذ الدكتور حسين العلوي والعمداء والأساتذة الآخرن.
ولقد كان استقبال الإخوة المصريين لوفد الجامعة الذي وصل إلى 120 أستاذا وموظفا حافلا لنقضي يومين من أجمل الأيام بين البر والبحر في منتجعات سياحية بديعة لا تجد لها مثيلا في هذا الوقت من العام في أي مكان خاصة بالنسبة للأوروبيين وسكان المناطق الباردة الذين يستمتعون بدفء الأجواء وصفاء المياه وبكرم الضيافة المصرية المعهودة وروائع المطبخ المصري من الأطباق والوجبات اللذيذة المتنوعة.
ولكن احتفال العاملين في شرم الشيخ بنا لم يفلح في إخفاء حجم الصدمة وخواء المنتجعات والمرافق السياحية من روادها حيث اعتادت أن تكون في ذروة اشغالها في مثل هذا الوقت من كل عام.
ولذلك لا بد من توجيه الدعوة لكل عربي يخطط لقضاء إجازة قصيرة في القادم من الأيام أن يحول اتجاهها لشرم الشيخ فكل شيء في شرم جميل وهي الآن بحاجة للمساندة فساندوها يا أهلها فأنتم أولى بها من الغرباء.
ولا بد في الختام من تقديم الشكر وعظيم الامتنان لسيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز الزعيم العربي الكبير الذي استشعر مسؤولية اللحظة التاريخية لينتقل شعوره النبيل لأبناء الشعب السعودي المحب لمصر وأهلها فتبادر بعض الهيئات الأهلية كجامعة الأعمال والتكنولوجيا لتحويل هذا الشعور وذلك الإحساس بالمسؤولية إلى عمل وتطبيق بتسيير الوفود لمصر لتعويضها عن الخسائر الباهظة نتيجة لعمل إرهابي جبان لم يحدد المسؤول عنه حتى هذه اللحظة.