-A +A
علي محمد الرابغي
لم يفق العالم من صدمة ما حدث في فرنسا وذيولها.. وما نجم عنها من ردود الأفعال.. وكيف أن الحادث أخذ من دائرة الضوء الكثير والكثير.. واشتعلت أوروبا وتدفقت مشاعر الكراهية للإسلام والمسلمين.. وهي أسطوانة مشروخة مللنا من كثرة ترديدها.. والتي ولدت مشاعر عدائية كأن المتطرفين في فرنسا وفي الغرب بصفة عامة كانوا ينتظرونها في حالة من فتح المسام لتنطلق الأحقاد المكبوتة ولتخرج نتنة تحاول أن تلبس قناعات الحرية والمساواة ضد من يلبس الحجاب.. وحقيقة متأملة للواقع تفرز حقيقة جوهرية وضاءة.. أن الحجاب على المرأة المسلمة يزيدها حشمة وحياء واحتراما في عيون الآخرين.. من هنا انطلقت مشاعر العداء والفوقية التي تغذيها الكراهية العنصرية.. تأتي هذه المشاعر بعد أن انغمس الغرب في بحيرة ووحل التحلل والتفسخ والتشرذم حتى إن الأسرة وهي الرابطة الإنسانية الكبرى قد أصابها البلاء فانحلت أواصر القربى.. حتى إن الأمومة والأبوة والأخوة فقدت معانيها وأصبح الهدف المادي هو سيد القرار وسلطانه.

فرنسا والغرب وتذبذب الرأي
ومن المضحك المبكي أن تنطلق تصريحات القادة الغربيين في الهواء وكأنما هي بالونة اختبار.. كم سمعنا لرئيس الولايات المتحدة الأمريكية أوباما أنه لا مكان لأسد سوريا في الحل النهائي للأوضاع بسوريا كذلك تصريح فرانسوا أولاند الرئيس الفرنسي وديفيد كاميرون رئيس الوزراء البريطاني وأنجيلا ميركل مستشارة ألمانيا لكن سرعان ما تبخرت هذه الآراء وفقا لقراءة الأحداث.. حتى لكأننا لم نعد نثق أو نصدق ما يطلقه هؤلاء من وعود.. مما ولد لدينا أزمة ثقة بيننا وبين الغرب بصفة عامة.


روسيا والعداء السافر
أما روسيا فلم تبال في أنها قد دكت كثيرا من الحصون لتصل إلى هذه المكانة المتقدمة في الشرق الأوسط (وعلى عينك يا تاجر) حتى إن المفكرين والمثقفين ورجال الرأي قد حاروا في هذه المعادلات التي لا تمتلك إقناع الذهن أو الفكر بوجاهة فعلها.. بل تؤكد على أن العالم رغم تقدمه السريع والمريع في وسائل التقنية في العلم واختراعاته إلا أنا ما زلنا نعيش بمنطق الغالب يملي والمغلوب يكتب وبأسلوب الغاب القوي يأكل دائما الضعيف.

وشهد شاهد من أهلها
وسط الضوضاء وإثارة الرأي العام واستعدائه على الإسلام والمسلمين انبثق في آخر النفق رأي شجاع لفيلسوف الإعلام ميشال أونفراي المعروف بمواقفه الصريحة والشجاعة وفكره الذي يعتبر امتدادا لفلاسفة ما بعد الحداثة في فرنسا والذي لقب بأكثر الفلاسفة غزارة وظهورا في الإعلام.. والذي رفع صوته في حواره على الشاشة قائلا علينا أن نتخلى عن فرض سياستنا الاستعمارية على بلدان أخرى بحجة أن حقوق الإنسان هي التي تحركنا ليس حقوق الإنسان هي التي تحرك المسؤولون الغربيين بل المصالح الاقتصادية والهيمنة الاستعمارية التي لم تتخلص منها الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة وحذر الغرب قائلا أنتم خاسرون بتأجيج هذه الحرب العقائدية الفاشلة ضد المسلمين لأنها لن تبقي ولن تذر على البشرية جمعاء.
إن أوروبا وبسرعة البرق تحولت من مواقف الصداقة (كما كنا نظن) إلى العداء.. كثيرة هي الصور المزرية الإنسانية منها براء.. وفرنسا مدينة النور غمرها ظلام الكراهية والعنصرية المقيتة.. وأختم بصورة تلقتها سيدة كريمة كانت تعاني من آلام مبرحة في كتفها الأيمن واقترح عليها طبيبها في ألمانيا أن تراجعه بسرعة.. وقد فعلت وكان من حظها السيئ أن وقعت أحداث باريس.. وفي طريق عودتها بالمطار حيث كانت تلبس جهازا لتثبيت مفصل الكتف ومعها تقرير من الدكتور ومن المستشفى التي كانت تعالج فيه لسلطات المطار لتعفيها من التفتيش الذاتي والمرور تحت الأجهزة.. ولكن الصلف والغرور الألماني قد كسر كل القواعد.. وتعرضت المسكينة لحالة من التفتيش لدرجة إلحاق الأذى والألم بها.. لقد اختلطت الأوراق واختلط الحابل بالنابل.. ولسنا ندري ماذا تحمل الأيام.. فقط الثقة في الله وحده بأنه هو الحكيم العليم وهو القاهر فوق عباده.. وحسبي الله ونعم الوكيل.