-A +A
بشرى فيصل السباعي
كلما اقترف مسلمون عملية إرهابية بحق مدنيين وأبدى العالم تعاطفه مع الضحايا ومن ضمن المتعاطفين النبلاء مع الضحايا مسلمون كثر لسلامة قلوبهم واستقامة فطرتهم، يعلو صوت تيار بارز في المسلمين لديه نمط سلوك «الإنكار ورفض الإقرار بالواقع» الذي يعرفه علماء النفس على أنه من حيل غرور الأنا اللاواعية لحماية نفسه من الإقرار بالحقيقة المخزية التي تفقده القدرة على توهم أن الأنا الجماعية التي ينتمي إليها هي مطلقة الكمال ودائما على الحق والصواب ولذا هي الضحية الأبدية مهما أخطأت وظلمت وبادرت بالعدوان، فيقوم بالأمرين التاليين؛ التذكير بجرائم اقترفتها دولة الشعب الذي وقع ضحية إرهابيين مسلمين ولو كانت قبل عشرات ومئات السنين سواء أكانت حقيقية أو وهمية وبخاصة بالنسبة للصور الصادمة التي يتداولونها وكثيرا ما تكون صورا لضحايا غير مسلمين لكن يتم الزعم أنها صور مسلمين، كما ولو أن كون المسلمين كانوا ضحايا في حدث أو زمن أو مكان ما يبرر قيام المسلمين بالاعتداء على الآخرين وأذيتهم بشكل مفتوح! والنبي نهى عن قتل النساء والأطفال والمسنين ورجال الدين وغير المحاربين في أرض العدو عند الحرب معه، فحتى أثناء الحرب لا يجوز قتل غير المحاربين وبخاصة إن كان قتل غيلة، وحتى عرب الجاهلية كانوا يتأنفون من قتل خصومهم غيلة في غير موضع المواجهة مع مسلحين مستعدين للقتال، والإسلام جاء ليتمم مكارم الأخلاق كما قال النبي عليه السلام، والوسيلة الأخرى للتهرب من الإقرار بحقيقة واقع ومسؤولية المسلمين؛ فبركة نظريات المؤامرة بلا أي دليل من أي نوع مثل الزعم أن الحكومة الفرنسية هي المتورطة بالعملية الإرهابية التي وقعت في باريس وهو زعم متكرر حتى مع وجود تسجيل لوصايا الانتحاريين بصوتهم وصورتهم تبين مسؤوليتهم عن العملية قبل اقترافها، ودائما التهرب من الإقرار بالحقيقة هو من سلوكيات الجبن والضعف والافتقار للوعي بالذات وأيضا الكسل، فالإقرار بحقيقة خلل الواقع الذي ينتج الإرهابيين يفرض على المسلمين تحمل مسؤولية إصلاح ذلك الخلل، فإن تم إنكار المشكلة فلا تعود هناك حاجة للتفكير التجديدي والبحث عن معالجات حقيقية لها، كما أن هناك من يتبع سلوكيات الإنكار والتهرب من الإقرار بجرائم الإرهابيين لينفي عن نفسه المسؤولية عنها بينما هو يدعو إليها في كل دروسه وكتاباته، وهذه الازدواجية هي من جهة تهرب من التبعات القانونية الحكومية لتحريضه بالتسويغات العقائدية والتهييج الديماغوجي، ومن جهة أخرى تهرب من التبعات الكارثية لتطبيق آرائه على أرض الواقع.