-A +A
أحمد عجب
يوم الأحد الماضي، بدأت وزارة العمل والمنشآت الأهلية تطبيق التعديلات التي طرأت مؤخرا على نظام العمل، هذه التعديلات التي انتظرها العامل ورب العمل طويلا، بعد أن شعر الأول بأنه يعيش تحت سقف نظام عمل تشبعت جدرانه بالتشققات والترهلات، فيما بدت نوافذه وأبوابه شبه مخلوعة لا تقي من الرياح ولا توفر ذلك الأمان الوظيفي المطلوب، أما المنشأة التي يعمل لديها، فكانت تبحث عن مواد نظامية جامدة، متى كانت تخدم مصالحها، وعائمة ومرنة يسهل الالتفاف عليها متى كانت تتحدث عن حقوق العامل!؟
عندما اعلن ـــ قبل ستة أشهر ـــ عن اقرار التعديلات بهذا النظام، أكد حينها وزير العمل السابق على مساهمتها في الرفع من مستوى أداء سوق العمل ليتواكب مع حجم النمو الاقتصادي الذي نعيشه، ومع احترامي البالغ للقرار وما أبداه معاليه، إلا أنني قرأت التعديلات التي جاءت في ثمانية وثلاثين بندا، قرأتها أكثر من مرة، ولم اجد من بينها تلك الإضافات المأمولة، هذا بخلاف أن بعض المواد نسخت من النظام السابق وأجري عليها تعديل طفيف في الصياغة دون المساس بمضمونها!!

حسنا، كان يطمح العامل إلى تقليص ساعات العمل الأسبوعية من 48 إلى 40 ساعة والحصول على يومين راحة، كان ينتظر تفعيل المادة 89 ويجدها فرصة مواتية لاقتراح وضع حد أدنى للأجور، كان يمني النفس في اعتبار عقده محدد المدة لسنة واحدة ثم يتحول بعدها لعقد غير محدد لا يمكن فسخه إلا بسبب مشروع، كان يأمل في إسقاط عقوبة الحرمان من مكافأة نهاية الخدمة والاكتفاء بالفصل لأنه لا يعاقب على الفعل بعقوبتين ولأن المخالفة التي قد يرتكبها لحظية وقعت لسوء الحالة المادية أو النفسية ويفترض ألا تنسحب على سنوات خدمته الطويلة بالمنشأة.
في المقابل، كان التجار ملاك المنشآت الأهلية، يرفضون مجرد النقاش حول هذه الطلبات ويرون بأن العامل يأخذ حقه وزيادة في الوقت الذي لا يعمل كثيرا وقد يتسيب ومع هذا يصعب التخلص منه، وكل ما يطمحون إليه هو إطلاق العنان لهم لتسريح من يرونه من العمال السعوديين متى اقتضت مصلحة المنشأة ذلك، كان هذا باختصار محور الحديث حول التعديلات المقترحة، لكن الجهة التي باشرت دراسة النظام واقتراح التعديلات عليه، اغمضت عينها عن كل ذلك، فلا هي التي أروت ظمأ العامل ولا هي التي أشبعت نهم التجار أو حتى اقنعت المحايدين بتوصياتها!!
ويكفي أن أوضح ـــ لضيق هذه المساحة ـــ أن التعديلات الجوهرية شملت منح الحق للعامل ليغيب بالسنة ثلاثين يوما وعلى النقيض تماما سمحت للمنشأة بالفصل دون رجعة مع اعطاء العامل الفرصة خلال شهر الإنذار ليغيب يوما بالأسبوع من أجل البحث عن عمل آخر، فأي إنتاجية وأي أمان وظيفي يمكن توقعه، بل كيف يمكن ضمان سلامة بناء نظام العمل هذا في الأيام القادمة وقد استبدلت أعمدته الخرسانية بأعمدة فيبر جلاس لا يمكنها مقاومة الأحمال الثقيلة ولا العوامل الجوية، مما قد يؤدي إلى تهدم الأسطح ليعيش العامل لحظاته المتبقية تحت الركام!؟