-A +A
علي حسن التواتي
نعم، لقد حلت الذكرى الخامسة والثمانين ليومنا الوطني السعودي للعام الهجري الحالي 1436هـ بعد حادثة الرافعة العرضية بفعل ريح قوية مفاجئة أودت بحياة عدد من الحجاج والمواطنين في الحرم المكي الشريف.
ولكن الله شاء أن يبدل حزننا فرحا لهذا العام بموافقة اليوم الوطني ليوم وقفة عرفات الموافق للثالث والعشرين من سبتمبر 2015، ليشاركنا ملايين المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها هذه الذكرى المحببة للقلوب.

يقول البعض عن أي أمر إذا مر من غير إعلان أو تهاليل بأنه (مر مرور الكرام). ولا أعلم من أين أتى هذا التعبير ومن بدأه ليصبح سنة غير مستحبة. ففي نظري أن الكرام لا يمرون بسهولة ولا نسمح لهم بالمرور العابر الذي لا ينتظر، بل نتمسك بهم ونكرمهم لتفضلهم بالمرور ونعاملهم بأفضل ما أوتينا من كرم وترحيب وبشاشة وطلاقة في الوجه والابتسام والاستبشار. أما من لا يعنينا أمره فيمر (مرور السحاب) لا مرور الكرام.
وبهذا المعنى فإن ذكرى يومنا الوطني السعودي الذي يقيم في قلوبنا إقامة الكرام طالما تنفسنا الهواء وشربنا الماء، مرت كريمة عزيزة غالية متوافقة مع أهم يوم من أيام الله. فعرفات يوم إذا تقبل الله صاحبه وأعماله ودعاءه قبولا حسنا، يغفر له ذنوبه ليعيده إلى أهله طاهرا مصفى من كافة الذنوب والخطايا.
ولا أضيف جديدا بالقول بأن الشعب السعودي الكريم هو من الشعوب القليلة التي تستحق الاحتفال باليوم الوطني. فيومنا الوطني هو يوم الوحدة لوطن يعتبر الأكبر والأهم في المشرق العربي. الأكبر حجما واقتصادا وتنوعا، والأهم موقعا ومكانة وأصالة.
ويجب ألا يغيب عن أذهاننا دوما بأن يومنا الوطني كان يمثل ومايزال إرادة جمعية لشعب مل من التناحر والفرقة والمجاعات لأجيال، فكانت دعوة المغفور له ــ بإذن الله ــ الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود وتحركه على الأرض للتوحيد ترجمة لتلك الإرادة، فحظي بالترحيب الشعبي في كافة المناطق التي دخلها، وسرعان ما انضوت تحت رايته التي هي راية الإسلام الخضراء التي رفعها بالشهادتين وشعار القوة عاليا على رؤوس الأشهاد.
لقد أصبحت هذه الراية النبيلة مغروسة في قلوبنا قبل أراضينا، وباسقة مرفرفة في أرواحنا قبل صوارينا. نذود عنها ونحتمي بها ونتفيأ ظلالها في خدمة الحرمين الشريفين وفي بناء نهضتنا الحديثة ونرفعها في المحافل الدولية وفي كافة بقاع الأرض والفضاء.
لم تخيبنا بركة الشهادتين على رايتنا الخفاقة قط. لا في سلم ولا في حرب. ولذلك نحس بأن الله بارك في وحدتنا وتفتتت الدول من حولنا بتمسكنا بمقتضيات الشهادتين من أخوة وإحسان واحتساب والتزام بالقيم والأخلاق النبيلة. كما نحس بأن بركة الشهادتين جنبتنا ومازالت المهالك والأزمات التي أودت بغيرنا وهو ما يزيد في إيماننا واقتناعنا بضرورة الدفاع عن هذه الوحدة تحت هذه الراية الجليلة بجلال اسم الله والإيمان برسالة محمد مهما كانت التضحيات.
وفي يوم الوطن لا يسعني إلا أن أتذكر مقولة شهيرة تختصر كل ما يقال في مثل هذا اليوم العزيز «لا تسل ماذا قدم لي الوطن بل اسأل ما الذي قدمته للوطن» . وهي والله مقولة صحيحة وبسيطة بإمكان كل واحد منا رجلا كان أو امراة أن يطبقها على دقائق الأمور قبل جلائلها. فتربية الأبناء الفاضلة للوطن وأداء الأعمال في كل مجال بإخلاص ونزاهة للوطن والذود عن المال والعرض والأرض للوطن والالتزام بأنظمة المرور وتوسيع الطريق للوطن، وحتى صيانة حق الجار وإماطة الأذى عن الطريق للوطن. أما ما يعطيناه الوطن فهو المحصلة النهائية لكل ما نعطيه حتى لو لم نمتلك نفطا أو أية موارد ريعية للدخل.
هنيئا للوطن السعودي النبيل بقيادته وللقيادة بشعبها.. وكل عام وأنتم جميعا بخير..