-A +A
أحمد عجب
لا أدري كيف تمخض تفكيري، وكيف تجرأت أناملي وخطت هذه الكلمات الثلاث، هذه العبارة العظيمة التي ندرك جميعا بأنه لا يمكن لأي أحد كتابتها، مالم يكن مديرا مرموقا أو مسؤولا رفيع المستوى، إنها محصلة الدراسات العلمية وخلاصة الخبرات العملية لعشرات السنين، لا يتقن كتابتها إلا من كانت لدية رؤية متعمقة ونظرة ثاقبة للأمور المستجدة والمحيطة، لا يحسن صياغتها سوى من كرس جل وقته لخدمة الكيان الذي يرأسه أو المجتمع الذي يسعى جاهدا لخدمته، لا يجرؤ على ترديدها في (شروحاته) أسفل المعاملات المعروضة إلا من يتبوأ منصبا ويتقاضى راتبا عاليا !!
حين تكون لدى الإنسان مظلمة ويجد نفسه مضطرا لرفع عريضة يشرح من خلالها معاناته المعقدة، تأتيه البشارة الغامضة، لقد رأى معاملتك البارحة وكتب عليها كالعادة (آمل إجراء اللازم)!؟ حين يجد عامل سعودي بأنه ومجموعة من منسوبي الشركة مهمشين فيتقدم بطلب ترقية أو زيادة، تأتيه البشارة الباهتة، لقد وجه عليها مثل كل مرة (آمل إجراء اللازم)!؟

أفهم جيدا بأن هذه العبارة المخملية، قد يقصد منها المرؤوس أخذ الاعتماد فقط لإتمام العمل، وقد يقصد منها المسؤول في المقابل إيجاد مخرج له فيما لو ترتب على التنفيذ حدوث مساءلة على مستوى عالٍ، فالإجراء الذي اتخذ لم يكن الإجراء اللازم الذي يعنيه، وقد تكون هذه العبارة مجرد شفرة بينهما، تبث لحظتها شيئا من الفرح والسرور على وجه صاحب المعاملة من أجل امتصاص غضبه، ومن ثم تجنبه تماما في المرات القادمة، في حين أن شرح العبارة كتبت بعجالة، يعني الادمي هذا صرفوه بأي طريقة، أو كتبت بخط جميل ومتأنٍ، يعني أحفظ المعاملة عندك بالدرج وصك عليها، أو كتبت بدون مد ولا همزة، يعني لا داعي للاهتمام وتراه غثنا بمطالباته!!
رغم جمال هذه الكلمات الثلاث، إلا أنها أصبحت مكشوفة ومملة، ولهذا نقول لكل من لا يعرف غيرها، لماذا لا تشنف آذاننا وتكحل أعيننا بشروحات أخرى، لماذا لا تقرأ المعروض الذي رفع إليك وتجتز منه عبارة تشعر مقدمه بأن تعبه في سرد التفاصيل لم يذهب سدى، إلى متى وأنت تضع هذه العبارة الذهبية في فمك، لماذا لا ترينا حجم مقدرتك وكفاءتك في إيجاد الحلول العاجلة والناجعة، قل أي شيء أرجوك كي لا يروج بأنك لست أهلا لهذا المنصب.