-A +A
فؤاد مصطفى عزب
كنت أتساءل وأنا أتجول بجهاز التحكم التلفزيوني بحثا في القنوات العربية عن ما يمكن مشاهدته.. أليس من حقنا نحن الغلابى المشاهدين الاستمتاع بمسلسل أو برنامج دون أن نصاب بالصداع والاكتئاب؟؟. هل مكتوب علينا الاستماع للصيحات المتوعدة ومشاهدة الوجوه المتجهمة وحملة السيوف والخناجر والكلام القاسي والعمائم الملتفة فوق الرؤوس التي لا يقوى على حملها إلا الأبطال في حمل الأثقال.. أو مراقبة أهبل يطلع الناس في السماء ويصرخ في آذانهم.. مأساة أن ينتهي الفكر العربي الإعلامي إلى هذا الحضيض ليصبح طفحا بهذه الخيبة.. مسلسلات كورم الأسنان وبرامج كفقاعة تطلع من النفايات، فعلا شيء يسبب الصداع.. وعلى سيرة الصداع وأسبابه وعلاقته بالمسلسلات التلفزيونية يقال بأنه عندما انتشر وباء الصداع في التسعينات الميلادية في أرجاء العالم العربي وأصبحت ظاهرة تهدد الجميع.. تبين لأحد الباحثين أن أحد أسباب ذلك هو مشاهدة التلفاز وبالذات المسلسل البديع «الجريء والجميلة» الذي توقف في بعض المحطات بعد أن اكتشفت بعض البلدان العربية أن هذا المسلسل يتعارض مع القيم والأخلاق الدينية.. وزامن هذا التوقف «انخفاض مبيعات أقراص الأسبرين والبندول والتينالون وحبة البركة» وبحسبة بسيطة تبين للباحث العلاقة بين هذا التوقف وانخفاض المبيعات والصداع النصفي الذي أصاب المواطنين العرب بالذات وخلص في النتيجة إلى العلاقة بين هذا وذاك ؟؟. وطبعا مت على نفسي من الضحك بعد الانتهاء من قراءة ملخص البحث وسألت نفسي طيب وخلق الله يعملوا إيه بعد كده ؟؟. الناس على يقين أن هذا المسلسل ليس عظيما ولا جميلا ولا جريئا وأخلاقه مضروبة والعالم إللي فيه بايظين كمان، لكن الغلابى المشاهدين يبدو أن ليس لديهم مانع أن يشاهدوا الحلقة المليون من هذا المسلسل لأنه الشيء الوحيد في المحطات العربية والأرضية والضوئية الذي يمكن للمشاهد أن يشاهده وعلى محياه ابتسامة بلهاء.. فليس هناك في المحطات العربية غير البرامج والأفلام من عينة النصاب والمشلول والبائس والغلبان والدنيا حظوظ وسؤال هايف وجواب أهيف وخذ فلوس ومبروك عليك السيارة.. مسلسلات وأفلام وبرامج لاتصيب المشاهد بالشلل النصفي فقط بل بالغيبوبة والصداع والإحباط ومحاولة الانتحار أو التفكير في الانتحار مرة واحدة على الأقل في الأسبوع.. الأمر الذي يدفع المشاهد العربي منا أن يصر على متابعة مسلسل غبي كـ «الجريء والجميلة» على الأقل الفرجة على ناس الواحد منهم صحته عال العال ويحب اثنين وثلاثة ويصرف كما لا يخشى الفقر وساكن في قصر ذي حدائق غناء متعة للناظرين ويأكل محار وكفيار والنساء كل وحدة عاملة مليون عملية تجميل وتلبس كل فستان أحلى من الثاني والجواهر والألماس تغطي كل سنتيمتر من جسمها وليت الأمر مسألة أخلاق على رأي من أوقفوه.. فالأمريكان أحرار فيما يفعلون.. ولكن المسلسل مفتعل وعمل تافه، ولو كان هذا المسلسل سعوديا لقامت تظاهرات مطالبة بتعليق المؤلف والمخرج في ساحة عامة أو أن يلفوا بهما شوارع جدة وهما يركبان حمارا بالمقلوب ليجرسوهما، ولكنهم الأمريكان طبعا أصحاب النظام العالمي الجديد والفوضى الخلاقة والاتفاقات النووية المشكوكة.. قالوا للمشاهدين العرب «إيه اللي أجبركم على الجريء والجميلة قالوا لهم البرامج إللي واخدة الجو»، فيا سادة يا كرام أرجو من لديه واسطة لدى من أوقف الجريء والجميلة أن يتوسط لي أن يعيدوا عرض الحلقات مرة أخرى فنفسي أعرف مين أتجوز مين وأشوف ناس عايشين صح على الأقل وأحسن مني على الشاشة بألف مرة!!.

Fouad5azab@gmail.com


للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ،636250 موبايلي، 738303 زين تبدأ
بالرمز 134 مسافة ثم الرسالة