-A +A
فؤاد مصطفى عزب
ويودعنا رمضان ولازلنا نكتب عن العرب والمسلمين.. نحاول أن نكتب عن أشياء نقية في زمن قذر.. زمن يقتل فيه العربي المسلم أخاه العربي المسلم في الأشهر الحرم في عرض الطريق وتمثل بجثته وتصبح مادة إعلامية متداولة من مواد التواصل الاجتماعي.. ورغم ذلك نحاول أن نكتب كلاما طريا ناعما عن الإخاء الإسلامي والتلاحم العربي كلاما مغايرا للواقع كأننا نبحث عن نقطة مطر عذبة قبل أن تلامس الرصيف.. ونكتب ونستمر في الكتابة وكأننا لا نعلم لماذا نكتب.. وأتساءل أحيانا هل نحن نكتب خيالا للهـروب من قسوة الواقع.. أم أننا نتعمد أن نرش على الجرح ملحا ليندمل.. لا أعلم حقيقة إلى متى سنظل نحمل كل هذا الرماد المتبقي من وسخ بعض العرب والمسلمين على أكتافنا ونكتب كلاما زائفا لهذا المواطن العربي المسحوق الذي أصبح ينتشر في زوايا الأرض يبحث عن وطن بديل بعد أن تحول بقدرة قادر من مواطن إلى متفرج.. يقرأ شيئا ويتفرج على شيء آخر.. وبعد أن تم القضاء على حقه في الحياة إما بالتكفير أو بالتخويف أو بالتخوين أو بالإرهاب.. بقايا الإنسان الذي تدهسه القنابل والمصفحات والأحذية والفخاخ البشرية الملغومة.. نستمر نكتب له عن مثاليات لاوجود لها ونستبدل له الحقيقة الكاذبة بوهم صادق.. نحاول أن نحرث له في الأرض التي سحبت عروقها.. كتابة عبثية مشوهة صرنا نكتب بها بعد أن كنا نكتب صدقا حقيقيا يليق بنا وكان صدقا يجدد خلايا الحياة فينا ويبعث الأمل.. كنا نكتب بمشاعر من يجلس على مقهى يتأمل المراكب تتوالى في النهاية ليرى محبا مات آتيا من القارة المقابلة ماشيا فوق الماء.. لك أن تتخيل أن من يموت يعود.. أليس ذلك منتهى البهجة.. لكن من يموت لا يعود وهذا حال العرب الذين أصبحنا نكتب عنهم دائما ونصورهم كهدير ماء وهم في الواقع لم يعودوا سوى نباتات فطرية تتكاثر بلا جدوى!! هل تعلمون ياسادة ماهو سعر العربي التعيس في بورصة هذه المسخرة الحياتية التي يفاخر بها بعض الكتاب كل يوم لتصحيح وتحسين الصورة الداكنة التي عليها بعض العرب والمسلمين.. لقد أصبح ما يكتبه هؤلاء الكتاب أناشيد ضائعة وحروفا من خزف تجعل الصدر يفور أحيانا كالتنكة المغلية.. لماذا لا يصادق معشر الكتاب الحقائق التي فرضت أشكالها على ذوق الواقع و يريحون قلوبهم ويعترفون أن ما يحدث لنا هو تعرية لنفوسنا وفضح لحالة الجبن والنفاق والضعف والبعد عن الإسلام الحقيقي التي تجتاحنا.. لقد نفد الحب والصدق والأمانة من قلوبنا فعاقبنا الله بأن سلط علينا أقذر خلقه ليغتالوا أحلامنا ويستبيحوا نساءنا ويقتلوا أطفالنا وشيوخنا.. لقد كانت علاقة العربي بالعربي كالوشم لا تمحى وكان اتصالنا ببعض مغطى بذهب الصدق والاحترام.. لم يكن هناك قانون للمحبة ولا جدول ضرب عاطفي مطروحا للحفظ كان هناك قالب من الأخلاق العربية الإسلامية الحقيقية يصب فيها العرب علاقاتهم.. أين هو الآن؟ ذهب مع الزمان ومن يحاول أن يقبض على الزمان كمن يحاول اصطياد النجوم وما أشقى اليد التي تحاول اصطياد النجوم.. لقد اغتال العرب كل ماهو جميل ونبيل في تاريخهم.. أحرقوا الأشجار التي غرسوها واقفة على قدميها.. وانجرفوا في عبث استنزاف الطاقات فكان ما كان.. يقولون إن أكثر البشر ضياعا هم الذين يرددون الأشياء بقلوبهم فقط ويبدو أن ما كتبته اليوم هو ترديد لما في قلب ذلك الطفل العربي الكبير الذي ربي وترعرع يردد معكم «بلاد العرب أوطاني» حتى خط الشيب المبكر مفرقه وسوالفه لكن للأسف لم يكبر بل ظل طفلا كبيرا لكنه أصبح أجمل أطفال الكون إحساسا وشعورا وصدقا وواقعية بأنه لن يولد من ذلك الجنين الميت أمل!!..