محطة أخيرة

«ظبي الجنوب».. كتبها «مفتش زراعي» وأثارت الروايات

مذكرات 4

محمد عبده

أعتز كثيرا بالأغنيات الوصفية التي قدمتها في مستهل حياتي الفنية.. فهي إعلامية ووصفية، ونجاحاتها تطلبت مني إدراجها في قوائم العديد من الحفلات، ومن أشهر وأجمل ما كتب عن الجنوب تلك اللوحة الوصفية التي تغنى بها إبراهيم خفاجي متنقلا بين مدن عسير «مرني عند الغروب» واستطعت إلباسها ثوبا موسيقيا قشيبا مرتديا حللا تتناسب مع كل بلدة يتطرق لها النص، ما جعلها أيقونة غناء الجنوب وتطلب باستمرار في حفلاتي.

وتناولها الناقد والكاتب د.علي الشهري في أجمل ما كتب عن التغني بأبها وعسير: «عندما تنجح الأغنية وتشتهر بين المستمعين لا أعلم كيف تتكوّن حولها القصص والروايات المنسوجة من وحي الخيال، وقد تجد بعض المستمعين يتمسّك بروايةٍ مغلوطة سمعها عن قصة أغنية ما أكثر من الرواية التي يذكرها الكاتب والملحّن»!

ومن الأغاني الناجحة وكثرت عنها الروايات (ظبي الجنوب)، كلمات عرّاب الأغنية السعودية إبراهيم خفاجي يرحمه الله، هي أغنية وصفية في أرض الجنوب تجاوز نجاحها حدود الإقليمية، إذ أصبحت على لسان الهواة في جلساتهم في مطلع حياتهم الفنية. ولكتابتها قصة جميلة، لاسيما أن الخفاجي كان يعمل فترة من حياته الوظيفية كـ«مفتش زراعي» في جدة، وكان يتردد من وقت لآخر على مكاتب الوزارة في أبها، وخلال إحدى زياراته، مطلع السبعينيات الميلادية، قرر كتابة أغنية وصفية عن أرض الجنوب معتمداً على مكاتب الزراعة يومها في المنطقة (أبها، السودة، الخميس، بالسمر، بالحمر، النماص)، فخرجت بأسلوب حواري (ديالوج)، ممتع بينه وهذا الظبي الفاتن، ويسأله من أي الأماكن؟ أنت من أبها الملاح؟ أم أنت من سودة عسير؟ أم أنت من أهل الخميس؟ أم أنت بالله أسمري؟ هل أنت من أهل النماص؟ وفي كل مرة يجيبه الظبي بالنفي!

واعتمدت في لحن الأغنية على إيقاع «الخطوة» من تراث المنطقة الفلكلوري، وعند طرحها حققت نجاحا لا يزال مستمرا حتى الآن، ولا يمكن أن أغني في مهرجان أبها إلا وتكون «ظبي الجنوب» حاضرةً ضمن أغنيات الحفلة.

تلتها مجموعة أخرى من الأغنيات، تغنيت بها بأبها وما حولها، منها قصيدة «يا عروس الرُبا الحبيبة أبها» من شعر الدكتور غازي القصيبي وألحان عمر كدرس -رحمهما الله-، و(أنورت سودة عسير)، و(يا سحايب سراة أبها) من أشعار الأمير خالد الفيصل، و(الهوى جنوبي) كلمات نجدية، فضلاً عن العديد من الأوبريتات والأغنيات الوطنية التي تضمّنت الإشارة إلى أبها ومنطقة عسير يصعب حصرها هنا.