-A +A
أحمد عجب
كان هناك شخص (دعوجي) التقيه كثيرا بحكم طبيعة عملي. ذات يوم وجدته يقف على الرصيف وهو يتصبب عرقا، وما أن رآني حتى حمل شنطته وقفز نحوي قفزة الكنغر ليحشر رأسه من نافذة السيارة، انتابتني حينها كحة تمازجت مع حرارة الجو وفرحة اللقاء، أقول أركب بس أركب خليني أوصلك، ليقفز مرة أخرى ويستقر في المقعد الأمامي، مؤكدا فرضية أن الكنغر لا يستطيـع الوثب إلى الوراء وإنما يقتصر وثبه إلى الأمام فقط، كان الطريق إلى منزله القابع في أقصى المدينة عبارة عن (سكة سفر ) تخللها عدد من النقاشات السطحية في شتى مناحي الحياة، كان آخرها هاجسه المتمثل في البحث عن عروس يجدد بها شبابه !!.
بعد أكثر من ساعة وصلنا للمحطة الأخيرة لرحلتنا، كان منزلا متواضعا مكونا من دور واحد، حلف علي أغلظ الإيمان أن أنزل وأتقهوى الشاي معه، وما أن جلست حتى هجم علي جيش من الأولاد بمختلف الأعمار يقدر عددهم بأربعة عشر أو يزيد، كل واحد يرتدي فنيلة نادٍ مختلف (بعضها لم أعرفها ربما كانت لأندية من الدرجة الأولى) ما شاء الله كل هؤلاء عيالك، أجابني نعم هذا مصلح وهذا فواز وهذا لؤي (وهذا والله ناسي اسمه)، ما شاء الله وعلى كذا كم متزوج، فقال للأسف ثلاث بس، بعد أن طلقت الرابعة لرفضها الانتقال والعيش معي هنا بحجة واهية اختلقتها وهي البعد وقلة الخدمات وضيق المكان ودوشة البزارين!؟.

مر على هذا الموقف سنوات طويلة، ومع هذا لازلت أتذكر تفاصيله، وأتذكر بأنني كنت أتساءل في نفسي وأنا في طريق عودتي عن مصير هؤلاء الاولاد، وكيف سيكون مستقبلهـم ؟!، في ظل انشغال الأب وظروف المعيشة وعدم وجود من يقوم سلوكهـم ويراعي همومهـم ويتابع توجهاتهـم. أتذكر حينها بأنني وضعت أكثر من افتراض، توقعت بأن واحدا منهم على الأقل سيكون له شأن ويخدم البلد بمركز مرموق، وهذا يمكن يطلع مدرس، وذاك موظف إداري، أما أبو فنيلة زرقاء شكله بيطلع لاعب كرة محترف، ومع أن طريق العودة للبيت كان طويلا جدا إلا أنه لم يسعفني لإكمال توقعاتي فتوقفت حائرا عند الابن الخامس مما دعاني لوضع البقية في خانة المجهول !؟.
أؤمن تماما بجواز تعدد الزوجات، ولكنني في المقابل أعلم بأن ذلك مشروط بالقدرة على (العدل) وإلا فزوجة واحدة تكفي، كما أنني أؤمن تماما بفضل الزوجة الودود الولود وان الشريعة تحث على كثرة الأبناء لمكاثرة الأمم بهم، ولكن ماذا لو تغير الحال، وبات الأبناء عرضة للتضليل من قبل جماعات متطرفة تتلذذ بقتل المسلمين وأبناء البلد، ماذا لو أصبحوا صيدا سهلا للإدمان والانغماس في الأعمال الإجرامية، ماذا لو تحولوا وبالأخص في أيام الامتحانات هذه لآلات مبرمجة على التفحيط والسلوكيات الخاطئة، ماذا لو تعلق الأبناء حد الهوس بأجهـزة المحمول الحديثة وما تحتويه من برامج خطيرة، ألا يكون ذلك مدعاة لبحث تقنين هذا الموضوع بما يضمن لنا تنفيذ الشروط المنظمة وتحقيق الغايات الشرعية دون إسهاب أو انحراف من أناس أعمتهـم المباهاة بقوامتهـم وغرتهـم القالة الفاضية !!.