-A +A
إبراهيم إسماعيل كتبي
يقولون (الأعمال بخواتمها)، لكن ما وصل إليه ملف الاستقدام وسوق العمل لا يرضي أحدا، بعد سنوات من التصريحات والاتفاقيات ثم وعود مسؤولين و(خبراء استقدام) باعتبارهم أهل البيت وأدرى بما فيه، ونتمنى لو أنهم راجعوا سيل تصريحاتهم للصحف، فلا شيء سوى خسائر مادية ومعاناة أكثر وتكاليف تعجيزية تقصم الظهر، وزادت مدة الاستقدام من أسابيع إلى نصف دزينة من الشهور، حتى تصل العاملة بالسلامة (وشختك بختك) مثل الحبحب هذه الأيام بمناسبة دخول الصيف.
حتى الآن هي فشل وتردٍّ لسوق العمالة المنزلية، والضحية هو المواطن المسكين، بينما الدول المصدرة لتلك العمالة أخذت حقوق بناتها وأولادها كاملة ومكملة المزايا ويا ليت عاجبهم، وقلنا تهون شروط العقد الموحد الجديد من زيادة راتب العاملة، وهنيئا لها بإجازة نهاية الأسبوع بعيدا عن المطبخ والشغل وحتى عن البيت وأهله، حتى وإن عادت مغسولة الدماغ بأفكار الهروب. وغيرها من قصص حقيقية باتت مملة.

لذلك دعونا من هذه التفاصيل ونركز في المفيد عن مكاتب الاستقدام بالداخل، خصوصا الانتهازية المتلاعبة وما يقابلها ويشابهها في الدول المصدرة، التي أغلق بعضها باب سفر عمالتها المنزلية شهورا طويلة وصبروا حتى نالوا ما طلبوا وما اشترطوا وما تمنوا، ولم يقدموا تسهيلات ولا التزاما ولا تدريبا للعاملات، وإنما لوبي (تسفير) في تلك البلاد.
واقع وآليات الاستقدام حاليا تضر بحقوق المواطنين وكثير منهم أعجزته تكاليف الاستقدام، وليت وزارة العمل تتذكر، وتذكر معها اللجنة الوطنية للاستقدام بتصريحاتهم والوعود المنهمرة خلال العامين الأخيرين بأن الأزمة في طريقها للحل، وآخرها تصريحات صحفية بأن دخول العمالة الهندية والبنغالية قريبا سيزيد على الطلب ويعيد التوازن لسوق العمالة المنزلية، ويكسر خشوم التدلل الفلبيني، وينهي مشكلات الإندونيسيات والإثيوبيات، وأن تكاليف الاستقدام ستعود في حدود (7 ــ 9) آلاف ريال، لكن (شمس تطلع خبر يظهر)!!.
سنوات مضت، والأزمة هي الأزمة، لكن بواقع ووقائع أصعب في الشروط وصاروخ النفقات الصاعدة لتصل إلى نحو عشرين ألف ريال وأحيانا أكثر، ويا ليتها (جابت الغنايم) أو زال شبح هروب الخادمات؛ لذلك ليس مستغربا أن يلجأ البعض إلى السوق السوداء، المعروف أسبابها ودهاليزها ومن وراءها. ولأننا نجيد الكلام أكثر والاقتراحات والتصريحات، فلن يتغير في الواقع شيء إن لم يكن أكثر صعوبة، ونتائج عكسية على المواطن الذي وجد نفسه في دوامة وفي فم كبار المستفيدين من كعكة سوق الاستقدام ولعبة العرض والطلب في الداخل والخارج، فأين هي الشركات الكبرى التي حددتها الأنظمة لحل الأزمة، ومكاتب صغيرة عاجزة تكاد تفلس؟!
ليتنا، ونحن نشكو من هذه الأزمة المزمنة، أن نتذكر لوبي أصحاب الأراضي البيضاء، وحيتان التعديات وفساد ذمم افتضح أمرها، حتى أظهرت الدولة الحزم بالعقوبات النظامية واستردت ملايين الأمتار ثم فرضت الرسوم على الأراضي، والله أعلم هل ستكفي للردع؟
ما زلنا نحتاج إلى حزم أكثر لوقف فشل فوضى ومتاعب الاستقدام، وللرأفة بحقوق المواطن من سباق على المصالح الشخصية من سوق العمالة المنزلية وأطرافها في الداخل والخارج، وبين فكيهم مواطن أتعبته كثيرا جعجعة بلا طحين، وتصريحات ووعود لا تسمن ولا تغني من جوع الطلب واستقرار السوق، والمعنيون يعلمون شكاوى الناس ومعاناتهم، ولا يحتاجون لتكرارها حتى لا يسمعوا منهم مالا يحبون. فالحديث لا ولن ينتهي والمعاناة ستزداد؛ لأن شهر رمضان على الأبواب وسينشط موسم السوق السوداء كبديل عاجل عن الانتظار ونار فاتورة الاستقدام؟.