-A +A
إبراهيم إسماعيل كتبي
بين يوم وآخر تتغير وتيرة تصريحات المسؤولين الإيرانيين منذ انطلاق عاصفة الحزم ضد الميلشيات المسلحة للحوثيين والموالية للنظام السابق وزمرته، فإيران حاضرة بقوة في المشهد اليمني منذ اندلاع التمرد المسلح، فإما السيطرة على اليمن وتقاسم السلطة والمقدرات والقرار أو تدمير البلاد وصوملتها. هذا هو استخلاص نتائج مراحل سيناريو تمدد الميلشيات بقوة السلاح على طول اليمن وعرضها وشماله وجنوبه، ومحاولة إكمال حلقات هدم الشرعية، ثم دعوة الحوثي لتفصيل دستور جديد على مقاس مشروعهم لإضفاء شرعية التمكين بالزور والتزوير لإرادة الشعب اليمني.
كل تلك الخطوات تابعناها، ورأينا كيف ارتفعت وتيرة غرور القوة للمدعو عبدالملك الحوثي وخطاباته الإعلامية بلغة متبجحة بالتهديد والوعيد، ليس فقط للشرعية اليمنية ولمن خالفهم من الشعب اليمني، بل لكل من يؤيد الشرعية، وهكذا تضخمت كرة النار وتدحرجت بإحداث الفوضى السياسية والأمنية وقضم المدن والمحافظات واحدة تلو الأخرى بقوة السلاح والقتل والتدمير والتعذيب.

أمام تلك التطورات بدا أن (الرتق يتسع على الراتق)، فلا أمل ولا فرصة لأي حلول قائمة أو جديدة ولا حياة لمن تنادي من تلك الميلشيات والموالين للرئيس المخلوع، رغم صدور قرارات سابقة لمجلس الأمن نظرا للخلل الهائل على الأرض لصالح التمرد ظنا منهم أن قلب موازين القوى على الأرض ستفرض تسويات بشروطهم للسيطرة على اليمن وامتلاك زمام سياسته وقراره وتوجهاته.
عودة إلى الدور الإيراني في كل تلك المراحل، فقد كان ولا يزال حاضرا بقوة في المشهد اليمني بتسليح وكلائه من جماعة الحوثي وإغراءات للنظام السابق، مع وجود خبراء عسكريين وأمنيين إيرانيين وخطط تصنع في طهران والحرس الثوري وتنفذ على أرض اليمن، فكانت الأحداث يمنية الأرض، لكن بعقل وسلاح ومشروع إيراني لصناعة نسخة مصغرة لحزب الله في لبنان من حيث أيدولوجية النشأة والهدف.
استمرار ضربات عاصفة الحزم والحصار قطع السبل أمام المشروع الإيراني وشل دوره الذي استهدف تحويل اليمن إلى منطقة نفوذ مؤثر في استقرار المنطقة الخليجية خاصة وعلى المنافذ البحرية الاستراتيجية، وأن يكون اليمن بموقعه ورقة قوية في تصدير الثورة وإكمال حلقات بسط النفوذ الإقليمي على ضوء الاتفاق النووي النهائي المرتقب.
في الأيام الأخيرة، بلغ الخطاب الإيراني ذروته سياسيا وإعلاميا، وفقد صوابه تحت وطأة عاصفة الحزم ونتائجها القوية على الأرض، ثم القرار الدولي من مجلس الأمن تحت البند السابع، والمأزق الإيراني يعكسه التصعيد الإعلامي وتصريحات غبية على كل المستويات من قيادات ومرجعيات صناعة القرار في طهران (وقم) كمحاولات (إسناد معنوي) للحوثيين وميلشيات التمرد المسلح، وحرب إعلامية مأزومة بأن ايران لن تقف متفرجة وبأن الحوثيين لديهم صواريخ وتكتيكات سيقررون استخدامها في الوقت المناسب.
هكذا في أزمات كثيرة بالمنطقة العربية، لا تستقيم عبارة (فتش عن إيران)، فدورها ولعبها بات على المكشوف بشكل مباشر أو عبر صناعة وكلاء وعملاء وجماعات مسلحة تلتحف بمسميات دينية وشعارات ماكرة مضللة تجرم بحق دولها، والتمدد بالفوضى والصراعات والوكيل المحلي المسلح لإضعاف وتفتيت الدولة الوطنية العربية، بينما تتاجر طهران وعملاؤها بشعارات (الموت لأمريكا والموت لإسرائيل).
مطلوب أعلى درجات الوعي الوطني والوعي العربي بالأخطار المحدقة، خصوصا أن (عاصفة الحزم) عنوان قوي للإرادة العربية بقيادة المملكة لاستعادة الاستقرار لليمن الشقيق ومستقبله والحفاظ على استقرار ومصالح دول المنطقة وإعادة إحياء الإرادة العربية، بالتصدي لمخطط أكبر من الحوثي وأتباع علي صالح، حيث يراد للمنطقة خارطة جديدة إحدى أدواتها الأفعى الإيرانية وذيولها.