-A +A
رشيد بن حويل البيضاني
نظرت بعين المراقب إلى ما يحدث في الدول العربية الشقيقة المجاورة لنا، أو القريبة منا، التي تشهد حالة من الاقتتال والصراع منذ سنوات، مما أوصلها إلى حالة من الانهيار والتردي، لن تبرأ منها قبل عقود، وستدفع ثمنها أجيال وأجيال، لا ذنب لهم سوى أنهم كانوا ضحية أطماع هؤلاء وأولئك.
ففي العراق الشقيق، كان العراقيون سنة وشيعة، يتعايشون بشكل أو بآخر، وكان الجميع في الهم سواء، إلا أن النفوذ الإيراني آنذاك، كان غير ذي بال، فلما سقط صدام، رأينا التدخل الإيراني السافر، الذي أفضى إلى ما عليه العراق الآن، من مذابح وتناحر، وخور وضعف، أدى بدوره إلى ظهور «الدواعش»، ليزيدوا من وهن العراق الشقيق.

وفي سوريا الشقيقة، يبدو التدخل الإيراني سافرا، وهو ما أفضى إلى تمزق هذا القطر العربي الغالي، ومقتل مئات الآلاف، وتشريد الملايين، وما أظن أن أي حل سيصل إليه السوريون، سيعيد بلادهم إلى ما كانت عليه، وستدفع أيضا أجيال وأجيال قادمة ثمن التدخل الإيراني في شؤون بلادهم.
وفي اليمن «السعيد» سابقا، الباكي الشاكي الحزين الممزق حاليا، وبسبب التدخل الجارح الإيراني بقيادة الحوثيين، وما وصلت إليه اليمن من تمزق وتشرذم وانقسام، ناهيك عما يسقط يوميا من ضحايا، وستدفع الأجيال القادمة -أيضا- ثمن هذا التدخل الإيراني الأهوج في بلادهم.
ومن العجيب -أيضا- أن تبقى لبنان بلا رئيس، بسبب الاستقواء بإيران من قبل حزب الله، ولم تعد لبنان هي لبنان التي عرفها العرب والعالم، قبل أن يتوغل النفوذ الإيراني في أوصالها.
وحدث ولا حرج، عما يثيره الإيرانيون من قلاقل واضطرابات في البحرين.
فماذا تريد إيران؟! سؤال احتار الجميع في الوصول إلى إجابة له.
إنها الأطماع السياسية والعسكرية والحقد الدفين على العرب والمسلمين، وحلم بسط نفوذ الامبراطورية الفارسية الغابرة، على أرجاء منطقة الخليج والدول العربية والتي بدأت بالفعل تسقط وما حولها، وهو ما تؤكده أفعالها المشينة التي لم تحترم حقوق الجوار ولا حقوق المسلم على المسلم ولا حتى المواثيق والمعاهدات، وتأتي الرؤى والمصالح الإيرانية والأمريكية، والتي مهما حاولوا إظهار الخلاف بينهما، هذا الاتفاق الذي بدأت بوادره في الظهور للعالم بأسره، فيما سيعلن عنه قريبا من حل «المشكلة النووية»، وهي في اعتقادي ليست مشكلة مفاعلات نووية، بقدر ما هي صراعات حول تقسيم البلاد العربية إلى دوليات صغرى وتمزيق الدول الإسلامية وتشتيتها والاستيلاء على الثروات وتفريغ الحقد.
وهنا تلعب القوى الكبرى على جميع المحاور لتحقيق مصالحها، فهي تستغل المخاوف الخليجية من النفوذ الإيراني، والتهديد النووي، لتعرض الحماية من الخطر الإيراني.
والحل في رأيي، ألا تخضع دول الخليج ودول الجوار، لهذا الابتزاز الوقح سواء من إيران أو غيرها، وأن يعاد مفهوم التضامن العربي ويوضع موضع التنفيذ لمواجهة التحديات العربية والإقليمية، وليشكل تجمع العرب في مواجهة الطموح الإيراني في المنطقة العربية برمتها، والقضاء على حلم إحياء الامبراطورية الفارسية، ونقاط التلاقي الإيراني الأمريكي، ودعم إسرائيل، وأخيرا صد النفوذ الروسي المتنامي في الآونة الأخيرة.
المهم أن يعي القادة العرب جيدا ما يحيق بهم من أخطار، فالقضية ليست خليجية بقدر ما هي عربية.