-A +A
إبراهيم إسماعيل كتبي
في قضايانا العامة والأهداف المنشودة، نستغرق زمنا في النقاشات ووضع الخطط، لكن عمليا نكتشف أن الكلام أكثر من الفعل، على سبيل المثال محصلة واقع ومحصلة التدريب لا يعكس حقيقة الخطط السابقة ولا نتائج حجم الإنفاق السنوي، كأن الإرادة تضعف والخيوط تتشابك ويضيع الطريق إلى الأهداف، ودليل ذلك عدم الرضا عن واقع تأهيل مخرجات التعليم وحتى المتسربين منه، ولو تحققت الخطط السابقة للتدريب ومصداقية التصريحات لكان الحال غير، ولكان سوق العمل أسرع في استيعاب الخريجين خاصة المهنيين والفنيين، لذلك كان آخر الدواء من وزارة العمل بقوة الأنظمة والقرارات، رغم افتقاد الكثيرين للتدريب. لذلك لا بد من استدراك الأمر.
قبل أيام قليلة قرأت خبرا يفيد بأن وزارة العمل ستصدر برنامجا جديدا تحت مسمى (أركان) يختص بالإطار الوطني لمهارات الإدارة المهنية والتوظيف، كأداة بالغة الأهمية لصناع السياسات والجهات المسؤولة عن خدمات التوظيف والجهات الداعمة لمواجهة سوق العمل. وطبقا لمصادر الخبر، سيشمل القرار ما أسمته بــ (الكفاءات العشر) ومنها تدعيم الأفكار والمعتقدات الإيجابية المتعلقة بالحياة المهنية والوظيفية، والتعامل الإيجابي والقائم على الاحترام مع الآخرين، واستخدام المعلومات المهنية في استيعاب منهجية وطريقة سوق العمل، كذلك استيعاب العلاقة بين مسارات التعلم وفرص العمل المتاحة.

في هذا الإطار أيضا ستستفيد من برنامج (أركان) عدة جهات منها مرشدو التنمية المهنية، ومعلمو المدارس، ومتخصصو دعم الطلاب، والجامعات، وكليات التدريب التقني والمهني وكليات التميز، ومزودو خدمات التوظيف، والموجهون المهنيون، ومتخصصو الموارد البشرية، وأصحاب العمل والشركات، ومطورو المعلومات والموارد المهنية. كما ستعود الفائدة على الآباء، والأمهات، والمعلمين، وأرباب العمل في التطوير الوظيفي للشباب، ومراجعة فعالية برامج وأنشطة التعليم المهني.
هذه الخطوة الجديدة من وزارة العمل هامة وهادفة، لكن نجاحها يشترط ترجمتها في الواقع من كافة الأطراف وأن نلمس استفادة حقيقية وحراكا جادا يتطلب تكامل دور التعليم والمجتمع وتوظيف الإعلام بكافة وسائله وشبكات التواصل استنادا على برامج حقيقية، وهذا يضع مهام كبيرة على وزارتي العمل والتعليم ومؤسسة التدريب التقني والمهني والقطاع الخاص، دون أن يغرد أي طرف خارج السرب.
من يطلع على تجارب الدول المتقدمة والصاعدة اقتصاديا وتقنيا، سيجدها تعتمد في الأساس على التعليم وبدرجة أكبر الفنيين والمهنيين ذوي الكفاءات العالية في مختلف التخصصات، وتعاون القطاع الخاص مع التعليم من خلال شراكات تكاملية، كبرامج المنح للدراسة والتدريب والتوظيف وتبادل الزيارات والبرامج بين التعليم والقطاع الخاص الصناعي والتقني والفني، وتطوير ثقافة الأسرة والمجتمع تجاه قدرات الأبناء من البنين والبنات وإثبات الذات، واحتياجات سوق العمل ولقيمة وقيم العمل والحياة.
نقطة أخيرة هي أن مكافآت التعليم الجامعي والعالي عموما هي نعمة كبيرة تخفف الأعباء عن الأسر، لكن لماذا لانزيد من حوافز التعليم والتدريب الفني، بل أتساءل مجددا: لماذا لا تمنح مكافآت للدارسين بكليات المجتمع ودعم دورها المهم في التأهيل لسوق العمل لتكتمل الحلقات دون ثغرات؟!..
العالم يطور موارده البشرية بالتعليم القائم على تدريس المهارات والمعارف الأساسية للمهن المطلوبة في المجتمع، ويصنعون المستقبل الاقتصادي والتقني بالتعليم منذ سنواته الأولى وحتى دخول أبواب سوق العمل. فليتنا نكمل رؤيتنا وتنجح الإرادة في هذا المسار بالتخطيط الاستراتيجي وتوحيد السياسات لأهداف التنمية البشرية، والتحدي الأهم يكمن في جدول التطبيق والاستمرارية والتطويـر والحصاد.