-A +A
رشيد بن حويل البيضاني
اختصار المسميات اصبح سمة بارزة في لغات العصر، ربما لمجاراة السرعة التي تتسم بها سلوكيات ونهج الافراد، فلم يعد لدى المرء الوقت لنطق مسميات تصل إلى عدة كلمات، فيتم الاختصار وفق اسس معينة، قد تكون بدايات الكلمات ونحوها، فوجدنا على سبيل المثال اختصار الولايات المتحدة الامريكية إلى usa، ثم وجدنا الاونروا والايسيسكو وغيرها، بحيث أصبحت هذه المختصرات مصطلحات شاعت في استخداماتنا الاعلامية ونحوها.
ولعل داعش من احدث ما استجد من اختصارات اصطلاحية، وأغلب الظن ان الداعشيين هم من اطلقوا على انفسهم هذا الاختصار كى يصفوا انفسهم بصفة لا نصيب لهم فيها في حقيقة الامر، فهذا الاختصار يعنى الدولة الاسلامية في العراق والشام، وهذا يعني انتساب هذه الحركة للإسلام وإضفاء الصبغة الاسلامية على سلوكياتهم، ومن ثم خداع السذج، وجذب البسطاء اليهم، والاسلام منهم براء.

وقد استمعت مؤخرا، وفي اطار تصحيح المفاهيم وحرب المصطلحات لاختصار جديد لوصف هؤلاء «الداعشيين» ألا وهو مقعش ويعني منشقي القاعدة في العراق والشام وقد استطاعت الجهات المتبنية لهذا المصطلح المختصر الجديد، ان تقنع كثيرا من وسائل الاعلام العالمية ــ وهذا هو المهم ــ باستخدام هذا الاختصار الجديد ومقابله الانجليزي، ولعل من ابرز هذه الوسائل «سي إن إن» الامريكية وغيرها.
قد تبدو المسألة للكثيرين غير ذات أهمية، لكن الحقيقة غير ذلك تماما، فإن حرب المفاهيم والمصطلحات لا تقل أهمية عن سائر الحروب التقليدية في العصر الحديث، وقد سبقنا القرآن الكريم في تصحيح المفاهيم والمصطلحات فى كثير من المواضع التى تحكي لنا كيف حاول بعض المنحرفين استغلال مصطلحاتهم للتدليس واللبس والخداع، وقد ناقش الكثير من المفكرين والباحثين هذه القضية المهمة التى لم تلق بعد اهتمام البعض منا، او اعتبرها البعض من باب الكماليات (البحثية والعلمية) في الوقت الذى تسعى دول عديدة لاستغلال المصطلحات لدعم عقائدها وسياساتها ولعل استخدام هؤلاء المخربين في العراق والشام لمصطلح «داعش» خير دليل على خطورة هذه القضية التي نسوق هنا جانبا من المعالجة القرآنية لها، حيث يقول الحق سبحانه وتعالى (قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الايمان في قلوبكم)، فمفهوم الايمان يختلف عن مفهوم مصطلح الاسلام، الاول له متطلباته وهو اعلى مرتبة من الثاني، وليس بالضرورة أن ينضوي في عداد المصطلح الاول من هم في عداد المصطلح الثاني.
من هذا المنطلق علينا ان ننتبه جيدا إلى ما يرد الينا من مصطلحات عبر وسائل الاعلام، وصفها أصحابها لترويج مفاهيم بعينها، يتبنونها، ويسعون إلى اقناع الناس بها.
ومن هذا المنطلق ايضا، علينا ان نتجنب اسم داعش ولنصححها إلى (مقعش) فهم بالفعل منشقو القاعدة في العراق والشام ولا يمثلون الاسلام المفترى عليه.