-A +A
قيصر حامد مطاوع
إن الخدمات المقدمة من وزارة العمل للمواطنين والمؤسسات والشركات قد شهدت تطورا ملحوظا في الآونة الأخيرة، وهذا بلا شك نتاج العمل الدؤوب من الوزارة لتطوير أغلب مرافقها للرقي بخدماتها. إلا أن التطوير الذي تشهده الوزارة لم يلاحظ حتى الآن من قبل المتقاضين في الدعاوى العمالية، حيث أن فترة التقاضي، من وقت إقامة الدعوى لحين صدور قرار من الهيئة الابتدائية أو الهيئة العليا لتسوية الخلافات العمالية، في حال اعتراض أحد الخصمين أو كلاهما على قرار الهيئة الابتدائية القابلة للاعتراض أمام الهيئة العليا ــ ما تزال تأخذ وقتا طويلا، قد يصل إلى سنة أو أكثر. وترجع أهم أسباب تأخر الفصل في الدعاوى العمالية إلى عدم وجود فروع كافية للهيئات الابتدائية والعليا في مدن المملكة، بالإضافة إلى قلة عدد الكوادر المؤهلة في تلك الهيئات.
وقد يكون أحد أسباب عزوف وزارة العمل عن تطوير الهيئات الابتدائية والعليا وعدم إعطائهم القدر الكافي من الاهتمام هو صدور نظام القضاء في 19/9/1428هـ، والذي سينشأ بموجبه محاكم عمالية ــ من ضمن محاكم أخرى ــ وستكون هي الجهة المختصة في النظر في الدعاوى العمالية بدلا من الهيئات الابتدائية والعليا لتسوية الخلافات العمالية. إلا أن المحاكم العمالية لم تنشأ حتى الآن، وبالتالي فإن الهيئات الابتدائية والعليا لدى وزارة العمل ما زالت هي الجهة المختصة في النظر في الدعاوى العمالية. وسواء كان سبب عدم قيام وزارة العمل بتطوير الهيئات الابتدائية والعليا يرجع لما ذكر أعلاه أو لغيره، فإن المختصمين ــ سواء كان صاحب العمل أو العامل ــ ليس لهما دخل في ذلك الأمر، لكونهما المتضررين الرئيسيين من طول فترة التقاضي ومصاريفها. وبلا شك فإن الضرر الأكبر سيكون من نصيب العامل ذا الدخل المحدود، والذي قد لا يستطيع الانتظار لمدة شهر أو شهرين لاستلام حقوقه، فما بالك بسنة أو سنتين أو أكثر كما هو الحال الآن. كذلك إن طول فترة التقاضي تعطي فرصة لصاحب العمل سيىء النية للضغط على العامل لقبول تسوية غير عادلة له لإنهاء الدعوى، وهذا فيه إجحاف لحق العامل.

إن الأمر الواقع هو أن الهيئات الابتدائية والعليا لتسوية الخلافات العمالية مازالت تحت مظلة وزارة العمل حتى الآن، ومن المفترض أن لا تتنصل الوزارة من مسؤوليتها المتعلقة بتطوير تلك الهيئات وتأهيل كوادرها لتسريع إجراءات إصدار قرارات من قبلها في الدعاوى المنظورة أمامها لحين إنشاء المحاكم العمالية. ويجب أن تدرك الوزارة أن العامل الضعيف هو من يدفع في أغلب الأحيان ضريبة طول فترة التقاضي.
محام ومستشار قانوني
Q.metawea@maklawfirm.net