-A +A
طه طواشي (المدينة المنورة)
رغم موته لا يزال حيا داخل عقول وقلوب ابناء المدينة المنورة فهو الشاعر والأديب صاحب الجداول والينابيع والموسوعة العلمية والثقافية الشاملة التي غالبا لا تتوفر الا في رجال في مثل موهبته وطاقته ورغبته الأكيدة في فعل شيء مفيد لمجتمعه. هو عبدالرحمن رفه أول مدير لفرع وزارة الاعلام بالمدينة المنورة ومن الرواد الأوائل الذين أسسوا لنهضتها الثقافية عندما ساهم في تأسيس أسرة «الوادي المبارك» وفي خروج النادي الأدبي الى مقره الجديد.

لم يكن عبدالرحمن رفه مجرد شاعر أو أديب فقط وانما كان رجلا وانسانا بكل ما تحويه الكلمة من معنى وكما قال ابنه كان أبا حنونا عطوفا ومناصرا للحق مدافعا عنه في كل مكان وزمان، كريم اليد، حريصا على دعم الموهوبين ومساعدتهم والأخذ بأيديهم فضلا عن حبه ايضا للعلم والاطلاع وخاصة الكتب الدينية التي كان يحرص على قراءتها في رمضان الفضيل.

واذا كان الذين غابوا عنا كثيرين الا ان القليل منهم سطروا بأقلامهم انجازات اجتماعية وثقافية ورياضية اينما ذكرت يشار الى صاحبها بالبنان.

فيحسب له الجهد الكبير الذي بذله من أجل انشاء نادي العقيق الرياضي (الانصار) حاليا ايمانا منه بأهمية هذه الاندية لامتصاص طاقات الشباب وتفجير مواهبهم.

نشأته ومولده:

ولد الشيخ عبدالرحمن رفه «رحمه الله» عام 1330هـ في المدينة المنورة في حوش الأشراف بحارة المناخة وهي نفس الحارة التي ترعرع بها وعاش طفولته وشبابه، لديه من الأخوة اثنان وكان ترتيبه الثاني، ومن زملائه انذاك في الحي حامد احمد جبران، موسى محمد حظة، عبدالفتاح علي كابلي، محمد خشيرم وقد تربى -رحمه الله- في بيت متماسك كان يعمل والده انذاك في العطارة التي توارثها بعد ذلك ابناؤه وقد كان اسلوب والده في التربية معتدلا وسطا بين المد والجزر وقد غرس فيهم تقوى الله والالتزام بالحدود الشرعية واحترام الاعراض ومبادئ الأخلاق والقيم والعادات والتقاليد وحب العلم والاطلاع.

وعلى الرغم من قلة موارد الأسرة الا ان ذلك لم يقف عائقا لتثقيفه لنفسه وبحثه عن العلم والمعرفة فتلقى دراسته الابتدائية في المدرسة الاميرية كما درس الكثير من أئمة ومشايخ المسجد النبوي الشريف وفي تلك الفترة ظهرت موهبة الكتابة لديه وقد كان يعمل بالعطارة مع والده وأخويه صالح وعواد ثم عمل في التجارة وفي بيع وشراء العقار وفي عام 1377هـ أسندت اليه ادارة فرع وزارة الاعلام بالمدينة المنورة فقد كان أول مدير لفرع الوزارة بالمدينة المنورة حتى عام 1388هـ قرر حينها تقديم استقالته والتفرغ لادارة تجارته وكتابة الشعر ومن كثرة حبه للأدب والشعر فقد كان من الأوائل الذين أسسوا أسرة الوادي المبارك في السبعينات حيث كان أول من رحب بالفكرة وفتح بيته لاحتضان اعضاء الأسرة واعتبر من كبار الأدباء والشعراء في طيبة الطيبة ولقب بشاعر طيبة انذاك.

متى كانت أولى بدايته في كتابة الشعر؟

- بدأ عبدالرحمن رفه طريقه مع كتابة الشعر في بيتين قالهما عندما نجا الملك فيصل -رحمه الله- من محاولة اغتيال آثمة وقد كافأه الملك ببرقية تحمل شكرًا وعبارة «لا فض فوك» وأمر له بمكافأة وكان قدرها 500 ريال وهي أول جائزة استلمها رحمه الله.

ما هي مساهماته في الحركة الثقافية في المدينة؟

- يقول ولده محمد: ساهم والدي رحمه الله في انشاء المقر الجديد للنادي الأدبي بالمدينة المنورة وكان احد الذين أسسوا أسرة الوادي المبارك في السبعينات وقد كان يتبنى الكثير من المواهب الأدبية ويقدم يد المساعدة والعون لكل موهوب وكان له ايضا دور بارز في دعم الرياضة في المدينة حيث ساهم في تأسيس نادي العقيق الرياضي وهو «الانصار» حاليا وكان أول رئيس له وشارك في الكثير من المشروعات الثقافية والتعليمية.

كيف كان تعامله معكم؟

- يواصل الابن محمد: كان والدنا يرحمه الله بشوشا عطوفا كريم اليد كبيرا في كل تصرفاته ذا فيض من الحنان محبا للمداعبة والمزاح مع أولاده ومن حوله.



برنامجه في رمضان

كيف كان برنامجه في رمضان؟

- عندما كان يحل علينا شهر رمضان كان رحمه الله يتفرغ للعبادة في ختم القرآن الكريم ونادرا ما كان يقرض الشعر وكان محبا للاطلاع لجميع انواع الكتب فقد كان موسوعة كبيرة من المعلومات اكتسبها بتثقيفه لنفسه.

وكان في ذلك الشهر الكريم محبا لحضور الحلقات الدينية على يد أئمة ومشايخ المسجد النبوي الشريف كما كان يذهب لصلاة التراويح في الحرم ويتردد على الندوات الدينية مع الاصدقاء ومع كل عيد كان له بيت مشهور يردده ويقول:

عيد بأي حال عدت يا عيد

بما مضى أم بما فيك تجديد

ويستطرد ابنه محمد: فقد كان يحب الحضور مع أولاده لصلاة المشهد وكذلك قضاء الأوقات مع عائلته واصدقائه المقربين وكان محبا للسفر والرحلات فقد كان لديه الكثير من الاصدقاء والمعارف خارج البلاد وداخلها، وفي آخر عشر سنوات من حياته رحمه الله اصبح غير قادر على الخروج بسبب كبر سنه والمرض ومع ذلك ظل رحمه الله محتفظا بذاكرته حتى وافته المنية يوم 19/10/1426هـ عن عمر يناهز المئة عام ففقدت طيبة الطيبة رجلا مثقفاً وشاعرا وأديبا مفوها ومنارة شعرية مضيئة وصرحا علميا شامخا عمليا وفقد ابناؤه ومحبوه أبا كريما عطوفا محبا للناس فقد كان ولازال عند ذكر اسمه ترنو اليه القلوب وتنفرج الشفاه عن ابتسامة تحمل شعورا ممزوجا بالشوق والاعجاب والأسى وحتى بعد ان غيبه الثرى فانه لا يزال حيا داخل قلوبنا وعقولنا.



أبو الجداول والينابيع

وعنه يقول رئيس النادي الأدبي في المدينة المنورة حاليا د. عبدالله العسيلان كان شاعرا مرموقا ويعد من أقدم اعضاء أسرة الوادي المبارك والتي كان لها نشاط أدبي وشعري قبل تأسيس النادي الأدبي بالمدينة المنورة وكان هو أحد رموز هذه الأسرة بعد ذلك اصبح عضوا في نادي المدينة الأدبي عند تأسيسه ويضيف د. العسيلان وقبل سبع سنوات قام رئيس النادي حينذاك الاستاذ محمد هاشم رشيد رحمه الله بتكريمه ضمن كوكبة من أدباء المدينة المنورة كما ان النادي طبع له ديوان شعري (جداول وينابيع).

هو شاعر لكنه مقل جدا وكان تواصله رحمه الله مع النادي الأدبي قليلا جدا ومع ذلك كان محبا للأدب وأهل الشعر ومخالطتهم.



خدمة الحركة الثقافية

ويقول نائب رئيس النادي الأدبي بالمدينة محمد صالح البليهي كان الشاعر رفه من شعراء المدينة المنورة القدامى وكما سمعنا كان من الشعراء الذين يعيشون الأدب والشعر الا انه في السنوات الاخيرة كانت مشاركاته مع النادي قليلة جدا نظرا لكبر سنه والمرض الذي ألم به ومع ذلك قدم الكثير من العطاء لخدمة الحركة الثقافية.