-A +A
فارس القحطاني، نواف عافت ـ الرياض

أقر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، أمس مشاركة المرأة عضوا في مجلس الشورى اعتبارا من الدورة المقبلة، والسماح لها بالمشاركة عضوة وناخبة في المجلس البلدي، وأكد الملك عبدالله بن عبدالعزيز أن مشاركة المرأة في الشورى أو المجالس البلدية سيكون وفق ضوابط الشرع الحنيف.

وفي ما يلي نص كلمة خادم الحرمين الشريفين التي ألقاها لدى افتتاحه أعمال السنة الثالثة من الدورة الخامسة لمجلس الشورى:

بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.

أيها الإخوة الكرام

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

يسعدني أن ألتقي بكم في افتتاح أعمال السنة الثالثة من الدورة الخامسة لمجلس الشورى، سائلا الحق تعالى أن يوفقكم في أعمالكم.

أيها الإخوة والأخوات شعب المملكة العربية السعودية

إن كفاح والد الجميع الملك عبدالعزيز مع أجدادكم يرحمهم الله أثمر وحدة القلوب والأرض والمصير الواحد، واليوم يفرض علينا هذا القدر أن نصون هذا الميراث وألا نقف عنده بل نزيد عليه تطويرا يتفق مع قيمنا الإسلامية والأخلاقية

نعم هي الأمانة والمسؤولية تجاه ديننا ومصلحة وطننا وإنسانه وألا نتوقف عند عقبات العصر بل نشد من عزائمنا صبرا وعملنا وقبل ذلك توكلنا على الله جل جلاله لمواجهتها. إن التحديث المتوازن والمتفق مع قيمنا الإسلامية التي تصان فيها الحقوق مطلب هام في عصر لا مكان فيه للمتخاذلين ولا المترددين.

يعلم الجميع بأن للمرأة المسلمة في تاريخنا الإسلامي مواقف لا يمكن تهميشها منها، صواب الرأي والمشورة منذ عهد النبوة دليل ذلك على مشورة أم المؤمنين أم سلمة يوم الحديبية والشواهد كثيرة مرورا بعهد أصحابه والتابعين إلى يومنا هذا، ولأننا نرفض تهميش دور المرأة في المجتمع السعودي في كل مجال عمل وفق الضوابط الشرعية وبعد التشاور مع كثير من علمائنا في هيئة كبار العلماء وآخرين من خارجها والذين استحسنوا هذا التوجه وأيدوه فقد قررنا التالي:

أولا: مشاركة المرأة في مجلس الشورى عضوا اعتبارا من الدورة القادمة وفق الضوابط الشرعية.

ثانيا: اعتبارا من الدورة القادمة يحق للمرأة أن ترشح نفسها لعضوية المجالس البلدية.

ولها الحق كذلك في المشاركة في ترشيح المرشحين بضوابط الشرع الحنيف.

من حقكم علينا أيها الإخوة والأخوات أن نسعى لتحقيق كل أمر فيه عزتكم وكرامتكم ومصلحتكم، ومن حقنا عليكم الرأي والمشورة وفق ضوابط الشرع وثوابت الدين ومن يخرج على تلك الضوابط فهو مكابر وعليه أن يتحمل مسؤولية تلك التصرفات.

هذا وأسال الله لنا جميعا العون والعزة والتمكين.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.











افتتح خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيزآل سعود أمس اللقاء السنوي للسنة الثالثة من الدورة الخامسة لمجلس الشورى، وألقى خادم الحرمين الشريفين كلمة بهذه المناسبة قال فيها:

“يسرني في هذا اللقاء السنوي الذي يجمعني بهذه النخبة الطيبة من أبناء الوطن أن أستعرض معكم مسيرة عام كامل، سعت فيه الدولة لتحقيق أهدافها وطموحاتها من أجل خدمة المواطن ورفاهيته، ويأتي لقاؤنا بكم متزامنا مع مناسبة اليوم الوطني الحادي والثمانين للمملكة العربية السعودية، الذي رسخ لنا جميعا عظمة الإنجاز الذي تحقق ولله الحمد على يدي مؤسس هذه البلاد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود ــ رحمه الله، وسارعلى نهجه ومسيرته من بعده أبناؤه الملوك رحمهم الله جميعا”.

وهنأ خادم الحرمين الشريفين المواطنين بهذه الذكرى التي نستلهم منها الدروس والعبر، مؤكدا إصرارالمملكة على المضي في تذليل جميع الصعاب وتسخير الجهود والأخذ بأسباب الرقي لتحقيق التطورفي جميع أرجاء الوطن وفي شتى المجالات. وفيما يموج العالم من حولنا بأحداث وتداعيات ومتغيرات تواصل بلادكم مسيرتها التطويرية وتنعم بالأمن والاستقرار في ظل وحدة وطنية تعكس ولله الحمد وبجلاء علاقة التلاحم والوفاء ما بين قادة هذه البلاد وشعبها الوفي النبيل.

تعزيز العدالة ومحاربة الفساد

وأضاف خادم الحرمين الشريفين “أصدرنا بعد عودتنا من رحلتنا عدة قرارات شملت قطاعات متعددة وشرائح متنوعة، نصبو من خلالها تخفيفا للأعباء وتوفيرا لأسباب الحياة الكريمة المعاشة لكل مواطن ومواطنة، حرصا منا على تعزيز العدالة الاجتماعية ومحاربة الفساد وتلبية لاحتياجات ومتطلبات شعبنا لينعم بحاضر كريم ويطمئن إلى مستقبل آمن لأجياله القادمة بإذن الله، ومن هذا المنبرأقول لكل الوزراء ومسؤولي الجهات الحكومية كافة، لقد اعتمدت الدولة مشاريعها الجبارة ولم تتوان في رصد المليارات لتحقيق رفاهية المواطن، والآن يحتم عليكم دوركم من المسؤولية والأمانة تجاه دينكم وإخوتكم شعب هذا الوطن الأبي أن لا يتخاذل أحدكم عن الإسراع في تحقيق ما اعتمد، ولن نقبل إطلاقا أن يكون هناك تهاون من أحدكم بأي حال من الأحوال، ولن نقبل الأعذار مهما كانت”.

وزاد، “عام مضى من العمل المتواصل على الصعيدين الداخلي والخارجي نحاول من خلاله تقويم ما تم من إنجازات وما واجهناه من تحديات، وأن ننظر بعين التفاؤل لما نصبو إلى عمله مستقبلا، نبراسنا في طريق عقيدتنا السمحاء، ثم جهود أبناء الوطن المخلصين الذين حملوا الأمانة على أعتاقهم بالحفاظ على هذا الكيان الشامخ بأمنه واستقراره وسلامة قاطنيه، مستشعرين بأهمية الانخراط في تطوير جميع مرافق الدولة لرفع كفاءتها، ورغم ما تم من إنجازات فإننا نراها أقل من طموحاتنا، لأننا نطمع بالمزيد بما يعود بالخيرالوفيرعلى شعبنا”.

تحريرالاقتصاد ومواصلة التطوير

وأكد على عزم المملكة الاستمرار في عملية التطوير، وتحرير الاقتصاد، ورفع كفاءة العمل الإداري، والعمل بسياسات متوازنة لمستقبل مشرق بإذن الله، وإذ كنا قد حصدنا ما غرسه الآباء والأجداد، فإن مسؤوليتنا تتعاظم، فالكم ليس مهما بقدرأهمية نوعية المحصول ليجني الأبناء والأحفاد الفائدة القصوى منه.

وفي شأن استقرارالوطن خاطب خادم الحرمين الشريفين الحضور قائلا “إن استقرار الوطن ووحدته هو صمام الأمان ولا نسمح بأي حال من الأحوال ما يشكل تهديدا للوحدة الوطنية وأمن المجتمع. فإحياء النعرة القبلية واللعب على أوتار الصراع المذهبي، فضلا عن تصنيف فئات المجتمع وإطلاق نعوت ومسميات ما أنزل الله بها من سلطان، ناهيك عن استعلاء فئة على فئة أخرى في المجتمع، كلها أمور تناقض سماحة الإسلام وروحه ومضامينه”.

وأضاف، “إن التمسك بالوحدة الوطنية وتعزيز مضامينها أمر له ضرورة وأولوية، وعلى كل منا أن يضعه نصب عينيه، مؤملا أن يكون ضمن محوراهتمامات وطروحات مجلسكم الموقر. كما أن استمرار الحوار الوطني كأسلوب للحياة ومنهج للتعامل مع كافة القضايا، وتوسيع المشاركة بين جميع مكونات المجتمع السعودي أمر في غاية الأهمية من أجل تعزيز الوحدة الوطنية، ومعالجة القضايا المحلية، وإيجاد قناة للتعبير المسؤول، وهي الأهداف التي يستند عليها مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني الذي كنا قد دعينا لإنشائه منذ بضع سنوات، لقناعتنا بأهميته كمظلة تسعى لتوفير المناخ الملائم للحوار الوطني”.

وذكر خادم الحرمين الشريفين أن أمن الوطن، من أُولى الواجبات التي تشرفت بأدائها الجهات الأمنية التي أثبتت قدرتها على مواجهة فلول الإرهاب، وهي ولله الحمد عازمة على تحقيق المزيد من النجاحات في ظل قدرة الكفاءات العلمية والعملية، القيادية منها والفردية التي يتمتع بها منسوبوها للحفاظ على مكتسبات التنمية.

وزاد “لقد أثبتت التجارب والمواقف أن المواطن هو رجل الأمن الأول، وشريك رئيس في لوحة الإنجاز التي سطرتها الأجهزة الأمنية في دحض الدعاوى الباطلة، والآراء الشاذة، وإحباط المخططات الإرهابية التي وضعتها الفئة الضالة رغبة منها في استهداف أمن البلاد ومقدراته، والتغرير بأبنائه مرتهنة لأسلوب الانتقائية وتوظيف النص والتفسيرات البشرية الخاطئة المتطرفة في كل ما يدعم توجهاتـها، وديننا الحنيف براء من كل ذلك، فهو دين رحمة وتسامح وصفح”.

الأمن المائي

وتطرق الملك في كلمته إلى الأمن المائي قائلا “فضلا عن أهمية الأمن الوطني، فإن هناك الأمن المائي الذي لا يقل أهمية، ويعد أحد الأهداف الاستراتيجية لخطط التنمية في المملكة، والداعمة له من خلال التوسع في إنشاء محطات تحلية المياه المالحة، وبناء السدود، لتعزيز الثروة المائية الجوفية. وحرصا من الدولة في المساهمة بتخفيض تكلفة إنتاج المياه بالطرق المتبعة حاليا، فقد تبنت المبادرة الوطنية لتحلية المياه المالحة باستخدام الطاقة الشمسية، ومن المقررتنفيذ هذه المبادرة على ثلاث مراحل في مدة زمنية تبلغ تسع سنوات، ومن أجل الحفاظ على هذه الثروة الوطنية التي تشكل عصب الحياة وجوهر النمو، مصداقا لقول الحق تبارك وتعالى في محكم التنزيل: “وجعلنا من الماء كل شيء حي”. فقد أصدرت الدولة العديد من الأنظمة واللوائح التي تعنى بتنظيم واستغلال الموارد المائية بما يحقق المنفعة العامة، فضلا عن إنشاء مراكز متقدمة لأبحاث وتقنيات المياه وفق أحدث المعايير والتقنيات العلمية التي هيأت بلادنا - ولله الحمد - لتكون في مصاف الدول الرائدة في مجال تحلية المياه المالحة”.

وفي شأن رفاهية الموطن، “أكد الملك أن الدولة تسعى دائما لرفاهية المواطن وتحسين ظروفه المعيشية بدءا بتأمين العلاج والرعاية الصحية له، إيمانا مِنها بأن صحة الإنسان هي مقياس لتقدم الشعوب ورقيها، وقد اتضح ذلك جليا في الاستمرار بإنشاء المستشفيات المتكاملة في المدن ورفع طاقاتها الاستيعابية، ونشرالمراكزالصحية في القرى والهجر، وتوفيرالتجهيزات الطبية الحديثة، ناهيك عن تأهيل الكوادرالوطنية للعمل في المجال الصحي من خلال استحداث كليات الطب، ومراكز التدريب الصحي في كافة أرجاء الوطن. وكنا قد أصدرنا أمرنا باعتماد 16 مليار ريال لتنفيذ وتوسعة عدد من المدن الطبية”.

وشدد على استمرار المملكة في الارتقاء بقطاع الخدمات الصحية في المملكة سواء من خلال التركيزعلى إنشاء المشروعات الصحية الجديدة، وتحسين البيئة الصحية القائمة، وزيادة الاعتمادات المالية المخصصة لها.

الخطة الخمسية

وأضاف “أن الخطة الخمسية التاسعة والتي صادق عليها مجلسكم الموقر فإنها ستكون - بمشيئة الله وتوفيقه - عونا لنا جميعا على تحقيق ما نصبو إليه نحو تكريس الرخاء والنمو والازدهار، لاسيما أنـها قد نصت على تحقيق الاستقرار الاجتماعي وضمان حماية حقوق الإنسان، وتعزيز الوحدة الوطنية. كما أكدت على رفع مستوى معيشة المواطن، والاستمرار بنهج تنويع القاعدة الاقتصادية والتنمية المتوازنة والمستدامة لجميع المناطق، وتفعيل دور القطاع الخاص ودعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.

وانطلاقا من حرص الدولة على الاستمرار في مسيرة التنمية بجميع مجالاتها، فقد أنشأت وزارة للإسكان ودعمت صناديق التنمية الصناعية والعقارية والزراعية لتقديم التسهيلات المالية والقروض الميسرة للمواطنين ليساهموا بفاعلية في التنمية، كما أعطيت الأولوية لدعم المستحقين المشمولين بنظام الضمان الاجتماعي، وزيادة عدد المستفيدين منه، والتأكيد على إيجاد فرص العمل للمواطنين عبر دعم برامج السعودة، وإنشاء مراكز التدريب والتأهيل الفني والتقني في كافة مناطق المملكة.

الحرمان الشريفان

وفي شأن رعاية الحرمين الشريفين وخدمتهما قال الملك عبدالله “لقد شرفنا الله بخدمة الحرمين الشريفين، فكانت تلك الخدمة واجبا وعزة وشرفا وركيزة ترتهن له هذه البلاد المباركة وقادتها. واعترافا بفضل الله على بلادنا بما حباها من خيرات ونعم وفيرة، منطلقين من مسؤولية المملكة الدينية، فإننا قد قمنا - بحمد الله - بوضع حجر الأساس لتوسعة المسجد الحرام وافتتاح عدد من المشروعات التطويرية للحرمين الشريفين، سائلا الله عز وجل أن يجعل فيها الخير الكثير خدمة للإسلام والمسلمين قاطبة، إن توسعة الحرمين الشريفين، وتوسعة جسر الجمرات، وتشغيل قطار المشاعر ما هي إلا نماذج مجسدة لهذه المشروعات التطويرية لكي يجد الحجاج والمعتمرون والزوار الراحة والطمأنينة عند أداء مناسكهم وهي واجب ندين به لله تعالى، وبمشيئة الله سوف نواصل العمل الدؤوب من أجل خدمة الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة. وتطرق خادم الحرمين الشريفين في كلمته إلى تطوير قطاعات القوات المسلحة، مؤكدا على أن ذلك سيتم من خلال التدريب والتأهيل والتجهيز، والوقوف على التجارب والخبرات الخارجية، وإدخال التقنية العسكرية الحديثة على منظوماتنا الدفاعية، “لأن الحفاظ على استقلالية المملكة وسيادتها، وصيانة ما تحقق من منجزاتها هو من أولوياتنا الحتمية التي لا مساومة عليها، وهوما يدفعنا للمضي قدما في تطوير قواتنا المسلحة بجميع قطاعاتها، وتجهيزها للدفاع عن الوطن ضد أي اعتداء مستعينين بالله ثم بسواعد أبنائنا القادرين على حماية البلاد، والمحافظة على مكتسباتها ومنجزاتها المتراكمة في زمن يعد قياسيا في عمرالأمم”.

المواطن أساس التنمية

وركز خادم الحرمين الشريفين على أن المواطن - بعد التوكل على الله جل جلاله - هو أساس التنمية وهدفها في آن واحد، فكان من الطبيعي أن تهتم الدولة ومنذ زمن بالجانب التعليمي الذي يعد أحد ركائز التنمية، “فأولت الدولة اهتماما متزايدا بالمؤسسات التعليمية والثقافية، وتشييد صروح العلم والمعرفة عبر زيادة الإنفاق على بناء المدارس والجامعات في كافة مناطق المملكة، وتطوير برامج التعليم العام والجامعي، والتوسع في إنشاء الجامعات لتغطي جميع أرجاء المملكة، فضلا عن توفير الخدمات التعليمية، وتدريب الكوادرالأكاديمية السعودية، وذلك من أجل أن يحظى الطالب السعودي بالعناية والاهتمام اللازمين”.

وكوننا نتجه نحو اقتصاد المعرفة والاستثمار في الأجيال، لأن العنصر البشري هو المعني بالتدريب والتعليم والتأهيل، فإنكم تلاحظون أن البنود المخصصة لميزانية التعليم أكبرالبنود المالية التي خصصتها الدولة لهذا القطاع الهام، وحرصا منا على توسيع التجارب المعرفية والخبرات العلمية لأبنائنا وبناتنا الطلاب فقد مددنا برامج الابتعاث الخارجي للعديد من دول العالم، كما أمرنا بضم أبنائنا وبناتنا الدارسين على حسابهم الخاص إلى برنامج الابتعاث متى ما توفرت فيهم الشروط إيمانا منا بتهيئة الأجواء لهم ليتفرغوا للتحصيل العلمي وتنويع معارفهم من أجل إنتاج كفاءات وطنية مدربة مهنيا وتقنيا.

وزاد “إن الارتقاء التنموي بأوضاع المرأة لا يتم إلا من خلال الرؤية التي تؤمن بضرورة تفاعل جميع أفراد المجتمع في الجهد التنموي، ولعل الوصول إلى التنمية الشاملة يتطلب مشاركة أوسع للمرأة السعودية من خلال تطوير قدراتها، وإزالة المعوقات التي تعترضها، لتكون عنصرا منتجا في الأنشطة الاقتصادية والإنمائية وبما يتفق مع شريعتنا الإسلامية”.

وأضاف “إن تطلعاتنا لا تتوقف من أجل نقل بلادكم - بإذن الله - إلى مصاف الدول المتقدمة في مجال القطاعات الخدمية والاتصالات. ولذلك روعي في بناء وإعادة تحديث البنية التحتية للبلاد عبر شبكة الاتصالات، ووسائل النقل، والمطارات، والموانئ، والطرق البرية التي شيدت، أن تكون وفق أهداف خطط التنمية، وتتناسب مع أحدث المعايير الهندسية والعمرانية، ما سيعزز الفرص أمام الاستثمارات الوطنية والأجنبية للمشاركة بفاعلية وإنتاجية في عملية النمو الشاملة التي نمر بها الآن، كما أننا ماضون في تطوير قطاعات الدولة المختلفة على مستوى مرفقي القضاء والعدل، وإدخال التقنية الحديثة، وتطبيق المعاملات الإلكترونية على كافة مؤسسات الدولة لتطوير الأداء ومواكبة المستجدات العالمية في ميدان الإدارة بتنوع مستوياتها، لاسيما ما يتعلق ببرامج تقنية المعلومات”.

الأزمة الاقتصادية

ونبه خادم الحرمين الشريفين إلى ما يمر به العالم من ترددات الأزمة الاقتصادية وتصدعاتها، مؤكدا على أن “السياسات المالية والاقتصادية المتزنة التي تنهجها الدولة، وتسهيل قواعد العمل وآلياته المعتمدة في التعاملات المالية والاستثمارية قد جنبتنا - بفضل الله - الآثار السلبية لتلك الأزمة الدولية، بل وعززت مكانة المملكة في سلم الدول الجاذبة للاستثمار العالمي، وهيأتها لتصبح واحة استثمارية خصبة وآمنة لرؤوس الأموال الأجنبية”. ولذلك فإننا مصممون على الإنفاق على المشاريع الكبيرة والعملاقة على المستوى الاقتصادي من أجل التأكيد على إبعاد المملكة عن أي تأثير لتباطؤ الاقتصاد العالمي، وسوف نستمر بعون الله في تطوير الأنظمة القائمة، ووضع التشريعات الملائمة لتمكين الاقتصاد الوطني من النمو والتنوع والتوسع، ناهيك عن إتاحة الفرصة للمواطن والمستثمر المحلي والأجنبي ليكونوا شركاء في التنمية والرفاه”. وأضاف “لقد تم بحمد الله إعلان الميزانية العامة للدولة للعام المالي 1432/1433هـ المنسجمة مع الأهداف الاستراتيجية لخطة التنمية التاسعة في دعم التنمية المستدامة وتطوير هيكلية الاقتصاد السعودي وتحسين مستوى معيشة المواطن وتحقيق تنمية متوازنة بين المناطق، وبلغ إجمالي الإنفاق العام فيها 580 مليار ريال بزيادة حوالي سبعة في المائة عن العام الماضي، حيث تم تخصيص نحو 150 مليار ريال لقطاع التعليم العام والعالي وتدريب القوى العاملة بزيادة ثمانية في المائة عن ما تم تخصيصه في العالم الماضي، وتخصيص 68.7 مليار ريال لدعم قطاع الخدمات الصحية والتنمية الاجتماعية بزيادة 12 في المائة، وتخصيص 24.5 مليار ريال لقطاع الخدمات البلدية بزيادة نسبتها 13 في المائة، وتخصيص 25.2 مليار ريال لقطاع النقل والاتصالات بزيادة خمسة في المائة”. وزاد “لقد حققت ميزانية العام المنصرم فائضا للعام السابع منذ عام 2003م، كما أن هذه الميزانية والتي تعد الأضخم والأعلى في تاريخ المملكة جاءت لتؤكد قوة ومتانة الاقتصاد السعودي لاسيما في ظل المتغيرات الاقتصادية التي يعيشها العالم أجمع”.

أمن الخليج

ونوه خادم الحرمين الشريفين إلى الروابط التي تربط المملكة بمحيطها الخليجي والعربي والإسلامي يتجاوزالتاريخ والجغرافيا، “فروابط الدين والمصيروقضايا الأمة ومصالحها، هي بلا ريب بمثابة علاقة متجذرة راسخة لا نفتأ أن نعززها بكل ما استطعنا من جهد. فعلى صعيد التعاون الخليجي الذي يسير بخطى ثابتة وواضحة فإن المملكة تسعى دوما لتوطيد وجودها الاستراتيجي في هذه المجموعة الجغرافية إدراكا منها لما يربطها مع شقيقاتها في دول مجلس التعاون من سمات مشتركة، ووحدة الهدف التي تجمع بين شعوبها”.

إن أمن دول مجلس التعاون الخليجي جزء لا يتجزأ من أمن المملكة. وفي هذا السياق لا يفوتنا أن نعبر عن ارتياحنا لعودة الأمن والاستقرار في مملكة البحرين الشقيقة، ونجدد رفض المملكة لأي تدخل خارجي يمس أمنها واستقرارها ووحدتها الوطنية. وزاد “إن تجربة مجلس التعاون وما تم إنجازه تحت مظلته من اتفاقيات ومشروعات رائدة هو خير دليل على رغبتنا الأكيدة في مواصلة التفاهم والتعاون مع أشقائنا في دول المجلس، كما أن ما تم تحقيقه من تكامل وتنسيق حتى الآن إنما يهدف لتحقيق مصالح شعوبه. فقد أقرت المملكة اتفاقية الاتحاد النقدي الخليجي، وساهمت بفاعلية في تحقيق التكامل الدفاعي الخليجي المشترك لخلق توازن عسكري قادر - بإذن الله - على حماية أمن الخليج وصون استقراره. كما نقدر دعم مجلس التعاون لمبادرتنا المتمثلة بالدعوة لإنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب”.ولا يفوتنا هنا أن نرحب بتأسيس مركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب الذي يأتي تتويجا لجهود المؤتمرالدولي لمكافحة الإرهاب الذي عقد في الرياض عام 2005م، الذي اقترحنا فيه تأسيس مركز عالمي لمكافحة الإرهاب برعاية منظمة الأمم المتحدة، وإيمانا منا بضرورة تكاتف الجهود الدولية لمواجهة الإرهاب ولتفعيل دوره فقد ساهمت المملكة بمبلغ عشرة ملايين دولار لتمويل المركز.

الأمن العربي وأحداث اليمن

وعلى الصعيد العربي وإزاء ما تشهده الساحة الإقليمية من متغيرات ومستجدات تمنى خادم الحرمين الشريفين أن “يعم الأمن والاستقرار عالمنا العربي، مؤكدين احترامنا ودعمنا لخيارات الشعوب، مع رفضنا الحازم لأي تدخل خارجي في قضايانا العربية، وفي اليمن يؤلمنا ما يشهده من أحداث عنف ترتب عليها سقوط قتلى وجرحى، وأهيب بكافة الأطراف ضبط النفس وتحكيم العقل لتجنيب اليمن الشقيق مخاطر الانزلاق إلى المزيد من العنف والاقتتال. ونرى بأن المبادرة الخليجية لازالت هي المخرج لحل الأزمة اليمنية، وتحول دون تدهورالأوضاع بما يحفظ للجمهورية اليمنية أمنها واستقرارها ووحدتـها”. وزاد “كما لا تخفى عليكم المساعي الحثيثة التي تبذلها دائما المملكة العربية السعودية على مستوى المصالحة العربية - العربية من باب توحيد الصف العربي وتعزيز وخدمة للمصالح العربية، وما جولاتنا وزياراتنا لبعض العواصم العربية في العام المنصرم إلا لتنقية الأجواء وإصلاح ذات البين ودعم قضاياها. فكانت جهود المملكة تنصب في تحقيق السلم الأهلي في لبنان، وما زلنا ندعم أمنه ووحدته وعروبته واستقراره”. كما أننا نتطلع لبقاء العراق كيانا سياسيا عربيا إسلاميا موحدا ومستقلا لجميع طوائفه وأبنائه، وأن يكون بمنأى عن التدخل في شؤونه الداخلية.

الحوار بين الحضارات

وأشار خادم الحرمين الشريفين إلى الدعوة التي أطلقها للحوار بين الحضارات والثقافات وأتباع الديانات، مؤكدا أنها دعوة متأصلة من إيماننا بأن الحوارهو السبيل الأمثل لحل القضايا الدولية المختلف حولها بالطرق السلمية، وزاد “إنني على يقين بأن الحوار بين الحضارات وأتباع الديانات هو السبيل الأمثل لتفويت الفرصة على العديد من الدعوات المتطرفة الني تخرج من مجموعات منتشرة في العديد من دول العالم باسم الدين تارة، وباسم العرق تارة أخرى، هدفها الرئيس هو تسميم العلاقات بين الشعوب والحكومات، وتقويض المشاركة الإنسانية في الحفاظ على الحضارات والتواصل بين أتباعها.

وسطية الدين الإسلامي

وأضاف “انطلاقا من وسطية إسلامنا وسماحة شريعته، فإننا كنا وجهنا في خطابنا لسماحة المفتي ما يتعلق بضبط الفتوى، بعدما رصدنا تجاوزات لا يمكن أن نسمح بها، ومن واجبنا الشرعي الوقوف إزاءها، وأكدنا أن كل من يتجاوز ذلك الترتيب فإنه سيعرض نفسه للمحاسبة والجزاء الشرعي الرادع، كائنا من كان، فمصلحة الدين والوطن فوق كل اعتبار، إن الحوارالذي ندعو له، وتمليه علينا ظروف حضارتنا الراهنة سوف يجنب العالم أجمع - بمشيئة الله - مآسي الصدامات والنزاعات بين الحضارات والديانات، ويدفعها للتعايش السلمي، والتفكير في القواسم المشتركة التي تجمعنا عوضا عن الغوص في الاختلافات التي تفرقنا”. ودعا خادم الحرمين الشريفين العالم إلى تفهم أهمية الحوار، واتخاذه وسيلة أساسية في تقارب الشعوب، وتوطيد العلاقات البشرية بين أفرادها وحكومتها.

وشكر خادم الحرمين الشريفين في ختام كلمته مجلس الشورى على الجهود الواضحة والعمل المستمر الذي يقوم به في دراسة الأنظمة، والتقارير السنوية، وتقديم الاقتراحات والمشورة، وهذا بالتأكيد محل تقدير الجميع، مثنيا على ما يرد من المجلس، متطلعا إلى بذل المزيد خدمة للمملكة المباركة والشعب الوفي. وزاد “كما أنني أثمن لكم - رئيسا وأعضاء ومنسوبين - تلك المساعي الحثيثة التي تبذلونها للتعريف بالتجربة البرلمانية لبلادنا في المحافل الدولية على الوجه الأمثل، وإبراز الدور التكاملي لمجلس الشورى في بلورة رأي المملكة تجاه العديد من القضايا الإقليمية والدولية، ومساهمته في تبادل وجهات النظر حول القضايا المحورية التي تهم المملكة خاصة والمنطقة عموماً. الأمرالذي يؤكد بوضوح على وجود مجلس الشورى ضمن خارطة العمل السياسي الوطني. فمشاركاتكم وتمثيلكم المشرف لوطنكم دائما ما يكون محل تقديرنا واهتمامنا، وختاما أيها الإخوة الكرام فإن أمامكم رسالة سامية، وأمانة كبيرة، وأنتم جديرون بحملها إن شاء الله. فبارك الله جهودكم، ووفقنا وإياكم لما فيه خير البلاد والعباد”.


( مشاهدة نسخة الـ PDF )