-A +A
محمد مفتي
عام كامل مضى منذ تولي سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ولاية العهد بالمملكة، شهدت المملكة خلالها إنجازات طال انتظارها، ولعل أهم إنجاز يمكننا إحصاؤه هو تحويل المسار التاريخي للمملكة لمسار آخر أكثر اعتدالاً وانفتاحاً وإصلاحاً، فبخلاف الكثير من المنجزات التي تمت بالفعل على أرض الواقع ولمسنا منها الكثير والكثير، يظل المسار الذي رسمه ولي العهد لمستقبل المملكة وخطط له هو الأهم، فقد تغيرت إستراتيجية الدولة وتحولت لتتبنى منهجاً علمياً شاباً تنموياً استثمارياً في مواجهة الركود الفكري وسيطرة فكر الأقلية على الكثير من مناحي الحياة فيما سبق.

من الصعوبة بمكان حصر جميع الإنجازات التي شهدتها المملكة خلال العام الماضي، ولعل السماح للمرأة بالقيادة للمرة الأولى في تاريخ المملكة يعد أحد أهم الأحداث خلال هذا الزمن القصير للغاية، وهو القرار الذي يمثل رمزاً يختزل حقبة جديدة في المملكة بكافة تفاصيلها، سواء على الصعيد السياسي أو الاجتماعي أو الاقتصادي أو الأمني، فأقل ما يقال هو أن السماح للمرأة بالقيادة يمنحها الضوء الأخضر لكي تتبوأ المكانة الحقيقية التي تستحقها، ويفتح صفحة جديدة لمستقبلها في وطنها الكريم، كما أنه يؤثر على الصعيد الاقتصادي من خلال إنعاش الاقتصاد عقب التخلص من مئات الألوف من العمالة الفائضة، وهو الأمر الذي يعني توفير مليارات الريالات التي تنفق سنوياً على هذه العمالة، ومن المؤكد أيضاً أن ذلك سيؤدي إلى انخفاض معدلات الجريمة.


وقبل أسابيع دشنت وزارة الثقافة عهداً جديداً بانفصالها عن وزارة الإعلام، وهذا القرار بلا شك أحد روافد مسيرة الإصلاح، ذلك أن إنشاء وزارة مستقلة للثقافة سيمكنها من الاهتمام بالفنون الثقافية في المملكة وتنميتها على نحو إيجابي ومأمول، بحيث يكون لها قدرة أكبر على التأثير ثقافياً في جميع الفئات التي تشكل المجتمع السعودي، ومن المؤكد أن تطوير الحركة الفنية خلال الفترة المقبلة سيكون أحد أهم التحديات التي تواجهها هذه الوزارة، بحيث تساعد على رسم صورة حقيقية وأصيلة وحديثة عن المملكة أمام العالم أجمع.

لا شك لدينا على الإطلاق في أن كل القرارات التي يتم اتخاذها بكل شجاعة وبسرعة ودقة متناهيتين تعبر عن تلك المرحلة الجديدة التي نعيشها هذه الأيام، وهي المرحلة التي لم تعد تحتمل التأجيل أو التردد، ولقد كنا في أمس الحاجة لقيادة شابة وجريئة وواعية تعيد رسم المسار للوطن بعد عقود طويلة من سيطرة ما يسمى بفكر الصحوة على مناحي الحياة الاجتماعية، لقد كنا في أشد الحاجة لقيادة تاريخية تترك بصمتها على جميع مناحي الحياة في مجتمعنا المسالم، وبقدر سعادتنا على إنجازات العام الماضي، بقدر تفاؤلنا واستبشارنا بالأعوام القادمة إن شاء الله تعالى.