-A +A
أسامة يماني
عانى الفن بأنواعه وأشكاله من النظرة الدونية كما عانى الفنانون والأدباء من ضعف الوعي المجتمعي لأهمية الفنان والأديب وذلك على مر تاريخنا المعاصر والقديم، حيث لم يأخذ الفنانون حقهم من التقدير والاحترام بالرغم من الأعمال الجليلة التي قدموها والمساهمات التي قاموا بها في مجتمعاتهم.

إن كلمة فن تستخدم للتدليل على أعمال إبداعية، فالفن «إحساس متدفق أو قدرة لاستنطاق الذات بحيث تتيح للإنسان التعبير عن نفسه أو محيطه بشكل بصري أو صوتي أو حركي، وليس بالضرورة تعبيرا عن حاجته لمتطلبات في حياته رغم أن بعض العلماء يعتبرون الفن ضرورة حياتية للإنسان كالماء والطعام». هذا الاستنطاق للذات والنفس البشرية إما أن يكون حركياً وعلى سبيل المثال التمثيل والرقص والعرضة وإما أن يكون صوتياً كالشعر والموسيقى وما إلى ذلك أو يكون بصرياً كالرسم والديكور والألوان والنحت والهندسة والعمران وغير ذلك من فنون بصرية بأشكالها المتنوعة.


الشعر القديم أو ما يطلق عليه الشعر الجاهلي الذي سبق البعثة المحمدية صور لنا الطبيعة التي عاشها الشاعر وعلاقة الرجل والمرأة والعادات والتقاليد والمفاهيم والقيم والخير والشر، وكان الشاعر لسان القبيلة الذي هو بمثابة وزارة الإعلام في عصرنا الحالي، ومع ذلك لم يفقد الشاعر الجاهلي صوت العقل كما يظهر في شعر زهير بن أبي سلمى الذي شجب الحرب وبارك السلام.

الفنون المعمارية والهندسية الإبداعية الإعجازية التي أصبحت مع الزمن تمثل تراث إنساني وجزء من الذاكرة الإنسانية مثل الأهرام وسور الصين العظيم وغيرها من الأعمال الفنية الخالدة. الآثار والأعمال الرائعة مثل المسلة الفرعونية التي تعتبر قطعاً فنية وإعجازية وتمثل حضارات وثقافات إنسانية ما كان لنا أن نعرفها لولا هذه الأعمال العظيمة التي أصبحت محفورة في الذاكرة البشرية.

والفن الصوتي لا يقل أهمية عن باقي الفنون، فهو الرسالة واللغة التي يعرفها كل البشر، فالسمفونيات الخالدة يسمعها الصيني أو الياباني بدون أن يحتاج لترجمة أو مساعدة، فالموسيقى لغة العالم الواحدة يطرب لها وينتشي كل كائن حي بدون حاجة لوسيط أو ترجمان. إن لغة الموسيقى تسمعها حتى بدون آلات موسيقية من الطائر إلى خرير الماء وصوت الريح وهدير الماء ومنها استقى الإنسان هذا الفن والإبداع.

إن الفن ضرورة من ضروريات الحياة الإنسانية، والترفيه جزء لا يتجزأ من حياة الإنسان، وقد سبق أن عالجت هذا الموضوع من الجانب التعليمي وقد حان الأوان لإحياء ثقافة الفن بأنواعه وأشكاله وتكريم الرواد منهم في كل مشرب ونوع من أنواع الفنون، فالجنون ليس من الفنون.

* مستشار قانوني