-A +A
هاني الظاهري
لست مبالغاً إن قلت إنني من أكثر الناس سعادة اليوم بإنشاء وزارة الثقافة وتحرير هذا القطاع الضخم من القيود التنظيمية التي فرضها وجوده لسنوات تحت مظلة وكالة عتيقة في وزارة تواجه مصاعب جمة ومهام متعددة، وما يزيد سعادتي أكثر تعيين الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان آل سعود وزيراً لها، وهو الرجل الذي رأس مجلس إدارة معهد مسك للفنون وأشغلت علاقته بالفنون والمتاحف خصوم السعودية في الإعلام الغربي طوال الأشهر الماضية. هذا حدث يستحق أن يحتفل به الوسط الثقافي السعودي طويلا، كما أنه دلالة واضحة على مدى عظم اهتمام قيادة البلاد بالثقافة وحرصها الكبير على تعزيز الهوية الثقافية السعودية والمحافظة عليها.

هناك أمور عدة ينبغي أن تلفت لها هذه الوزارة الحلم قبل كل شيء لتأسيس أرضية صلبة تنطلق منها مشاريعها وجهودها في خدمة الوطن وهويته الثقافية، فالثقافة اليوم صناعة اقتصادية حقيقية تدر المليارات على الدول، وحال القطاع الثقافي السعودي (بكل صدق) كالمارد المحبوس في قمقم، وقد يراه الناقد من الخارج جراء ذلك فوضوياً وبائساً وبدون إستراتيجية واضحة ومعظم مشاريعه ارتجالية (مهما حاول البعض تجميل وتضخيم بعض الجهود الأقل من عادية) ولذلك هو بحاجة ماسة للإنقاذ وإعادة الترتيب ومراجعة التشريعات والأنظمة وتعديلها بما يتناسب مع العصر وطموحات السعوديين وهم يسيرون بسرعة فائقة نحو تحقيق رؤية 2030.


أول أمنية أتمناها من وزارة الثقافة هي فتح الباب على مصراعيه لترخيص المتاحف وصالات الفنون والجمعيات والمجموعات والمؤسسات والمراكز والمقاهي الثقافية الخاصة وسحب هذا الاختصاص من الجهات الأخرى بدون تردد، فدور الوزارة تنظيمي في الأساس أما من يصنع المشاريع والفعاليات الثقافية فهو المجتمع والقطاع الخاص الذي يستثمر في هذا المجال، ونحن منذ سنوات طويلة ليس لدينا حاضنة للثقافة والفنون سوى الأندية الأدبية والجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون ذات الموارد والإمكانات المحدودة، وهذا أمر ظلم المجتمع الثقافي السعودي، وأحبط الكثير من المشاريع، فمن غير المعقول أن دولة بحجم السعودية لا يوجد بها سوى جمعية واحدة للثقافة والفنون، ما الذي يمنع أن يكون في كل مدينة 10 أو 20 جمعية ومؤسسة وناديا ومركزا ثقافيا وفنيا؟ بالطبع لا يوجد ما يمنع سوى الأنظمة القديمة والتعقيدات البيروقراطية المعروفة، وارتباط التراخيص بجهات متعددة، مما سبب عزوف الكثير من المستثمرين عن هذا القطاع بل وحتى عزوف المثقفين والفنانين أنفسهم عن المشاركة في أنشطة المؤسسات الموجودة.

الأمنية الثانية التي أتمناها من وزارة الثقافة هي إيجاد آلية سهلة وعملية لتمويل المشاريع الثقافية الخلاقة ودعوة وتشجيع المستثمرين على دخول هذا المجال وتقديم كافة التسهيلات اللازمة لأي مشروع يخدم القطاع الثقافي وبالتالي الاقتصاد المحلي.

أمنيتي الثالثة من الوزارة هي العمل جديا على إنشاء مركز موحد للمعلومات الثقافية الوطنية أو «بنك معلومات»، فهذا أمر شديد الأهمية لتأسيس «داتا ثقافية» نفتقدها حاليا، وهناك المزيد من الأمنيات التي لا تتسع المساحة لذكرها ربما أتطرق لها في مقالات أخرى.

Hani_DH@

gm@mem-sa.com